كلّما تذكّرتْ ماضيها، تنقبض ملامحها البحرية ويُصيبها الإحباط، فترتدي جلبابها وتضع “القب” على رأسها. تمضي إلى باب الشعبة والفخّار وسيدي بوزيد. أماكن بمثابة فيتامينات تستمدّ منها قوّتها. تستمدّ منها الرغبة في البقاء.
خلال جولتها، تمّر بكلّ الأزقة، لكنّها تتفادى المرور من “الدريبة المزوّقة”. كما أنها لا تطلّ أبداً على “شارع الرباط ” كي لا يغمى عليها. لقد خاصمت الشارع المناضل. قاطعتْه منذ غزته التجارة العشوائية. تشعر بالخجل كلّما تمعّنت في “الناموسيات” المزركشة بأحذية وملابس وأواني صينية الرخيصة. الشارع حزين حدّ البكاء، والروائح الكريهة المنبعثة من السوق لا تشجع على النزهة.
هل ننتظر زائرة أجنبية بكاميرا تصوّر نفايات وقبح المدينة، وترمي بها في اليوتوب لكي يستيقظ المسؤولون؟ أم لعلنا ننتظر غضبة ملكية؟
هناك طقس كانت تحرص دائما على ممارسته: تقف قرب قصر البحر وتتحدّث إلى سيدي محمد بن صالح. تشاركه غضب الساكنة وتستنجد به :
“سيدي، النفايات في كلّ مكان: في الأزقة، على السكة الحديدية قرب سوق العفاريت وفي شارع كينيدي. صناديق القمامة البلاستيكية عفنة جدّا جدّا جدّا وتثير التقيؤ. لا يمكن الاقتراب منها لرمي كيس القمامة. على الأرصفة يتبختر سراق الزيت، الصرصار اللعين، بل لقد صار يطير… أمّا روائح زنقة ادريس بناصر العطرة (السوق الخانز)، فهي لا تُحتمل. هذه النفايات المجرثمة التي تزخرف المدينة، لا بد وأن تتسبّب في أمراض ما. اللهمّ إنّي قد بلّغت ! من يدبّر شؤون النفايات؟ إن كانت شركة خاصة، فهي لا تقوم بعملها كما يجب !
المصدر : https://www.safinow.com/?p=10455
عذراً التعليقات مغلقة