فالتواطئ في جرائم التعمير، يبتدئ من تسليم شواهد تجزئة الأراضي الغير مجهزة لحيازة العقار، مرورا بالتغاضي عن البناء الغير المرخص، وانتهاء بتسليم شواهد إدارية للربط بشبكة الكهرباء بدعوى أن البناء قديم، وبين أول مرحلة وآخرها تكون الحماية مضمونة طبعا لبناء مساكن في رمشة عين وتحت جنح الظلام، مفتقدة أسس البناء الملائم والسكن اللائق، بل والابعد من ذلك، فإن هذه الأبنية تشغل أثناء الحملة الانتخابية للظفر بمقاعد لن تكون بكل تأكيد وسيلة لتحسين ظروف هؤلاء الضحايا من الساكنة.
إلى ذلك، فيمكن اعتبار جماعة سبت جزولة الترابية، حوالي 24 كلم عن أسفي في اتجاه الصويرة، عاصمة للبناء العشوائي بالمغرب بامتياز، حيث ينتشر هذا النوع من البناء الغير مرخص بشكل مثير للاستغراب، وذلك بعد ما كان محصورا سابقا في عدد محدود من دواوير وأحياء الجماعة، لتنتقل عدوى البناء العشوائي إلى المنطقة ككل، بعد الانتشار الكبير لهذا النوع من البناء الغير مرخص بعموم تراب الجماعة.
ويشتكي عدد من السكان المحليين ، والتجار العاملين في مجال العقار، من نمو هذا البناء السري الذي لم يعد سريا فيه الا الاسم بشكل مهول بمختلف مناطق الجماعة، التي أصبحت تعرف نشاطا تنمويا واقتصاديا كبيرا في شتى الميادين.
وسبق وأن حذر العديد من المسؤولين بالمنطقة ، من تنامي هذه الظاهرة التي أضحت تشكل خطرا محدقا على السكان ومستقبل المشاريع والاوراش التنموية المفتوحة بها، مشيرين إلى أن هذا الأمر الخطير، يمكن أن يؤثر سلبا على فرص جذب الاستثمارات، اذا استمر هذ الأمر على ما هو عليه، دون تحرك عاجل من لدن السلطات المختصة، معتبرين أن عدم التدخل الفوري لوقف إنتشار البناء العشوائي، قد يؤثر سلبا على السير العادي التي تزخر بها المنطقة المذكورة.
معانات المواطنين مع العراقيل البيروقراطية
يعاني مواطنون بجماعة جزولة، من شلل شبه تام يضرب خدمة المواطن، وعراقيل بيروقراطية جمة تواجه المرتفقين أثناء تقدمهم بطلبات الحصول على تراخيص الإذن بالبناء، ما يهدد مصالح المواطنين وينعكس سلبا على المداخيل المالية لصندوق الجماعة، التي تعرف انفجارا عمرانيا، وديمغرافيا متزايدين.
ووجه مواطنون أصابع الاتهام إلى جهات خفية نافذة تدور في فلك الجماعة، والتي تضغط وتتواطئ مع بعض المسؤلين لكي لا تتم معالجة أي ملف لا يمر عبر أيديهم لشيئ في نفسهم…!؟، والذين يقومون بدور الوساطة بين المرتفقين وبين المصالح الإدارية، نظير مبالغ مالية تختلف حسب نوعية الرخصة، وطبيعة وموقع البناية، مؤكدين بأنهم أضحوا فريسة للسماسرة الذين يتربصون بهم في باب الجماعة والمقاهي المجاورة لها، عارضين خدماتهم ووساطتهم تحت لغة الابتزاز، ويخيرونهم بين أداء إتاوات مادية، أو تجميد ملفاتهم في رفوف القسم التقني للجماعة.
وأضاف المتحدثون أنفسهم، أن الإجراءات القانونية للحصول على شهادات البناء والسكن، تخضع لمنطق مزاجي لدى مسؤولي جماعة سبت جزولة، والمحسوبية والزبونية والولاءات السياسية، حيث أن الراغبين في الحصول على الإذن بالبناء، يشتكون من تدخلات تؤدي إلى التلاعب بملفاتهم وعرقلة حصولهم على الرخصه وفق المسطرة القانونية الجاري بها العمل في ميدان التعمير.
ولا تقف الأعذار، والمسوغات التي تبررها الجماعة عند هذا الحد، فقد قال مواطنون كثر يسكنون بمركز الجماعة بأنهم كلما أحضروا وثيقة إدارية تبين سلامة وضعيتهم القانونية، يطلبون منهم وثيقة أخرى ويخلقون أعذارا مختلفة، مثل وجود مطلب التعمير بجوار “وادي”، أو “مجال غابوي”، أو منطقة تابعة لغرض ما، بشكل يستحيل معه الحصول على شهادة البناء بالطرق القانونية، بينما لا يتعدى الحصول عليها عبر وساطة السماسرة وبالطرق الملتوية في “الأماكن المحظور فيها البناء”، في رمشة عين.
غياب تصميم التهيئة شجع على البناء العشوائي
يرى المتتبعون للشأن العام المحلي بسبت جزولة ، أن غياب وثيقة تصميم التهيئة لحد الآن بالجماعة الحضرية جزولة، ساهم وبدور كبير في انتشار فوضى التعمير بالمنطقة بسبب هذا الفراغ القانوني، وشجع على اقبال الساكنة على البناء العشوائي والغير مرخص ببعض الدواوير ، الشيئ الذي نتج عنه ظهور تجمعات سكنية عشوائية جديدة غير متوازنة ديموغرافيا وتنمويا، ودون توفرها على البنية التحتية الضرورية المناسبة من طرق وإنارة عمومية…، وغيرها، حيث أن غياب الوثيقة النهائية لتصميم التهيئة، جعل الجماعة تعيش نوعا من الفوضى وغياب المراقبة التي استغلت لصالح بعض الفاسدين،
المجتمع المدني يطالب بالمحاسبة ومحاربة الفساد
في خضم الحديث عما تشهده منطقة سبت جزولة من تجاوزات وخروقات خطيرة من شأنها تهديد استقرار الساكنة، ارتفعت أصوات المجتمع المدني المحلي في أكثر من مناسبة لتدق ناقوس الخطر في آذان المسؤولين وسلطات الوصاية من أجل التدخل العاجل للتحقيق في مجمل هذه الخروقات، وترتيب الجزاءات المناسبة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة التي نص عليها الدستور.
فبالاضافة إلى ظاهرة زحف البناء العشوائي الذي ارتفعت وثيرته مؤخرا، ولم تسلم منه حتى أراضي الجموع وأراضي الدولة، في الوقت الذي يتساءل فيه السكان عن جدوى تقارير وعمل لجان المراقبة الإقليمية والمركزية التي تحل بالمنطقة في أكثر من مرة وعن مصير محاضرها، مازالت الجماعة تعاني من جهة أخرى من مشاكل عديدة، وعلى رأسها افتقارها للمرافق الأساسية ومن بعض التجهيزات الضرورية بالمستشفى، دار الفتاة، الطرق، دار الشباب، ملاعب القرب، النظافة، الإنارة العمومية، الكهرباء، الصرف الصحي، والنقل العمومي، إذ يكفي لعمالة أسفي ومصالح النبات والغايات والوكالة الحضرية أن تعود إلى الخرائط الطبوغرافية للاقمار الاصطناعية للمنطقة لتقارن بين وضعية البناء بالجماعة ، وبين واقع حال البناء سنة 2020 لتتأكد من مدى التغير الكبير الذي طرأ على خريطة البناء وكيف تضاعف بشكل مهول يقتضي المحاسبة والمساءلة، والتحقيق.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=10841
عذراً التعليقات مغلقة