البوليساريو جرح في خاصرة المنطقة المغاربية

البوليساريو جرح في خاصرة المنطقة المغاربية

-أسفي الأن
اراء بلاقيود
-أسفي الأن15 نوفمبر 2020آخر تحديث : الأحد 15 نوفمبر 2020 - 10:06 مساءً
البوليساريو جرح في خاصرة المنطقة المغاربية
ae30cfd5 cb5d 40c4 ab07 8e3ac6114d04 -
يوسف بوغنيمي

أعادت أحداث الكركارات على الحدود المغربية جنوبا مع موريتانيا مرة أخرى إحياء جرح دامي ،ظل لعقود ينزف في خاصرة المنطقة المغاربية برمتها وأمسى يؤرق شعوبها …
و واهم من يعتقد أن البوليساريو شوكة في حلق المملكة المغربية لوحدها دونا عن باقي بلدان المنطقة المغاربية،
فهو جرح في الخاصرة طبعا ،لأنه ظل يتعفن ,وتتجدد أعراضه الجانبية بين الحين والآخر ومن عوارضه أحداث أكديم إزيك قبيل الربيع العربي …لكن مع كل نزلة برد أو موجة حر في حركية المشهد السياسي الإقليمي والدولي ،يبدأ الجرح في التعفن في ظل غياب مضادات حيوية وأمصال فعالة ,حيث عقد المغرب الرهان لعقود على عنصر الزمن، لاكتساب المناعة الطبيعية لمواطني نفس الوطن، وعلى ثوابث الوحدة وقواسم التاريخ والجغرافيا، وها هو نفس الجرح لازال مستمرا بنفس النزيف و يكاد يقارب سنوات ميلادي لأربع عقود ونيف، فعاش معنا كمرض مزمن تربينا بين أحضانه وتعايشنا معه نحن جيل المسيرة على مضض ،وكأنه قدر المنطقة المحتوم.

البوليساريو ابن شرعي للاستعمار فقط، و كذلك هو صنيعته ، ومولود لقيط ،ربّته عساكر الجزائر لا شعبها

وحينما نستقي تعبيرا مجازيا ،من قبيل جرح جرى توصيف مكانه بموضع الخاصرة ،فلا يعدو أن يكون مجرد استعارة لغوية ولعب بأحرف لغة الضاد، ليس القصد منه المعنى القدحي، بقدر كنايتنا على وجه التسمية لمنطقة حساسة ومرهفة من جسد الوطن العربي، كما هو الحال نفسه لنا نحن بنو البشر ،حيث وقع الجرح في منطقة يصعب أن نلتفت إليها ونمعن فيها النظر بأريحية، لنقلبها ونضمدها بين الحين والآخر، سيما أن بعض كرياته الحمراء مصرة على التعفن …وكغيري كثر لا نعير هذا الوضع أهمية كبرى لقناعة راسخة, وهو الإيمان بأن الوطن العربي أصابه الكثير من النزيف بما فيه الكفاية ، وفي الكثير من المناسبات تلقى ضربات بمعاول هدم بعض من أبنائه …
والتشبت قائم بكل حبة من رمال الوطن وكل قطرة من بحر المحيط، مهما تغير حبر قلم وزاوية رؤيا من يكتب التاريخ، فلن تسعفه ثوابث الجغرافيا …
نعم البوليساريو ابن شرعي للاستعمار فقط، و كذلك هو صنيعته ، ومولود لقيط ،ربته عساكر الجزائر لا شعبها ،وتلقفته بالزغاريد وصارت له أما في الرضاعة ,وتبنته بدون أوراق رسمية ،فخصصت له ميزانية تجتزأ من قوت شعبها المنهك بالأزمات أصلا، والبوليساريو كذلك ببساطة تلك “اللهاية” التي يعلق عليها حكام الجزائر خيبات سياساتهم الفاشلة في الداخل والخارج ، وجعلوا منها تلك الشماعة التي تمرر عبرها جرعات تخدير شعبها وتزويده بالحقن المسكنة ،فرأت في جبهة البوليساريو ذلك الفاتح الذي يبسط لعساكرها الطريق نحو المحيط، فأبدع في صناعة حجج السماء والأرض ليظل تلك الشوكة التي تغص حلق المغرب، فاجتهدت فقط في إذكاء النعرات وتأجيج المشاعر وتغذية الانفصال , والتغني بموال المظلومية وشعار نصرة الشعوب وتصفية الاستعمار وتقرير المصير ، وهي التي صادرت حقوق شعبها في اختياره الحر في انتخابات ديمقراطية مطلع التسعينيات , وانتهجت سياسة الأرض المحروقة فأجهزت على الحابل والنابل ،وهو واقع مؤلم مبكي ومحزن ومخزي لجسد الوطن العربي والمغاربي , حيث تختلق الأزمات في سبيل امتيازات فئوية تحافظ لعسكر الجزائر على البطاقة البيضاء في تحوير ميزانية البترول الجزائري وثروات البلد ،تحت ذريعة العدو الوهمي القائم الذي يرابط في الضفة الغربية من المغرب الأقصى والعدو الغاشم والمغتصب ،هذه أهم الذرائع لمصادرة أهم حقوق الشعب الجزائري الشقيق التي تجمعنا به روابط الدم قبل جوامع التاريخ والجغرافيا، أحب من احب وكره من كره من عسكر الجزائر وساسة المغرب وموريتانيا وتونس وليبيا …
البوليساريو أي نعم ، جرح في الخاصرة لأنه عطل عجلة التنمية بمنطقة إقليمية لها بعدها الاستراتيجي ، فتشرذمت الشعوب وضاعت السياسة ، وحولت الجنرالات أموال التنمية لصفقات أسلحة بالملايير حتى غدت المنطقة على كف عفريت في صراع غير مفهوم نحو التسلح ،وصار الصراع في الاتجاه المعكوس عوض مساره نحو التنمية الحقيقية لشعوب المنطقة، فأغدقت الجنرالات أموال البترودولار على التجمعات والتكتلات ورشوة اللوبيات والجماعت الضاغطة …فعرقلت العساكر بوعي أو بغير وعي مسيرة منطقة بأكملها، وحرمت الشعوب من الاندماج والتكامل الاقتصادي فغلقت الحدود ، وسوقت الأراجيز وباعت الأوهام ورفعت رايات الحرية الزائفة …
ولينظر عساكر الجزائر وحكامها يمينا وشمالا غربا وشرقا… وليستفيدوا من ,دروس التاريخ وواقعية الاقتصاد وليمعنوا النظر في قارة عجوز و اتحاد أوروبي لنا أضعاف ثرواته الطبيعية يتساءلون ونحن معهم كيف قطع أشواطا في تحقيق التنمية وتوطيد ركائز الاقتصاد وبناء المؤسسات وتوحيد العملات وتكسير وهم الحدود ، …حيث صار المواطن الأوروبي رغم تعدد اللغات واللهجات يتنقل في أكثر من 25 دولة بدون قيد أو شرط ، في حين المواطن المغاربي يلوح بذراعيه ويصيح بأعلى صوته في المعبر الحدودي “زوج بغال” المغلق عنوة ضدا عن إرادة الشعوب المتساكنة عبر الأزمنة والتاريخ ليسمعه أهله وأقرباءه وأنسباءه في الضفة الأخرى من الحدود الوهمية ، وفي أحسن الأحوال التنقل جوا في اتجاه فرنسا لتسلم تأشيرة نحو رقعة جغرافية من وطننا العربي والمغاربي …
ونقول لحكام الجزائر وعساكرها وجنرالاتها الذين أصابهم السعار ، لقد احتضنا شعوب المنطقة في غير ما مرة وسقط قناع عدائنا لكم حينما بات الجزائريون في أعراس مباريات كرة القدم في بيوت أشقائهم المغاربة ضيوفا كراما والعكس صحيح ، فرمال المحيط وكتبان الرمال وجبال العركوب وممر الكركارات ملك للشعوب مهما استعرنا لها من أسماء ومسميات من ريفي لسوسي لصحراوي لعروبي لقبايلي ، ولن يتحقق الأهم سوى عبر توحيد عجلة التنمية ووحدة الاقتصاد واندماجه، لما يتيحه من فرص التنمية للمنطقة المغاربية في كليتها ،فأيدينا ظلت ممدودة لسنوات وشوارعنا و موانئنا وشواطئنا تشهد على قطار التنمية الذي دشن من جنوب المغرب في اتجاه شماله، وخير مؤشر على أن المغرب باسط ذراعيه منذ سنوات ,هو مقترح حكم ذاتي متقدم لن يسمح به حكام الجزائر ولن يرفعوا أيديهم عن من يدعون أنهم صحراويين ، ببساطة لأن استمرار الأزمة يغذي الوحش الذي يسكنهم ، يقتاتون من فضلاته و يزهون بطنينه …
أما منع شاحنات تنقل الأشخاص والبضائع نحو بلدان إفريقية شقيقة فليس من الشهامة والمروءة في شيء …فمشروعنا الجماعي قائم منذ الإرهاصات الأولى لحلم مغرب عربي وعليهم أن يعوا أن معاركنا القادمة ضد الفقر والتهميش والبطالة والجهل والهشاشة والعصبية القبلية والدينية ولنا ولكم في كورونا خير مثال للاعتماد على الذات وسواعد الأبناء …وإحياء النفس وإعلاء صوت العلم ورفع شعار الاقتصادات القوية …

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة