بقلم // الدكتور سعيد لقبي ** بـــدايـــات ** منذ حوالي عقدين من الزمن وعند خروجي من العمل، مررت بإحدى مقاهي وسط المدينة للقاء عابر ومعتاد بالمرحوم محمد أبوحميد، وبعض الخلان لتجاذب أطراف الحديث، والاستماع إلى ذكرياته عن حاضرة المحيط خلال الأربعينات والخمسينات من القرن 20 لقاءات خرج من رحمها مؤلف « Il était une fois …. Safi »
بيد أنه في ذلك اليوم المشرق لم يكن حديث سي بوحميد عن الماضي بل عن بارقة أمل تنظيم مهرجان وطني لفن العيطة بآسفي، وتأكد الأمر لحظات بعد ذلك عندما استقبلنا السيد والي جهة دكالة عبدة عامل إقليم آسفي آنذك الدكتور محمد الشيخ بيد الله، الذي أخبرنا بعزم وزارة الثقافة برئاسة الأستاذ محمد الأشعري على تنظيم عدد معتبر من المهرجانات الفنية التراثية عبر ربوع المملكة من أجل صون الذاكرة وتثمين مكوناتنا الثقافية المنسية أو المقصية أو تلك التي تعاني من انفصام شخصية عدد لا يستهان به من الناس .
وردا على طلب السيد الوالي بشأن إعداد تصور محلي للمهرجان الوطني لفن العيطة المزمع إقامته بالمدينة، انبرى المرحوم بوحميد للجانب العلمي والتقني عبر رسم جغرافيا هذا الفن .
وكان من نتائج ذلك اليوم المشهود أن أرجأنا جولتنا اليومية للمرسى من أجل اقتناء بعض السردين عبر سيارة السي بوحميد XANTIA الحمراء الفاقع لونها.
انعقدت الدورات الأولى وكنت ألاحظ بأن فكرتي المقترحة خول استثمار القواسم المشتركة مع فنون دول أخرى كالجاز و الفادو لم تحظ بالعناية اللازمة، واستمر المهرجان في الانعقاد تحفظه الرعاية السامية لصاحب الجلالة.
وقبل انعقاد الدورة 15 استدعاني الوالي السابق السيد العربي الصباري بصفتي رئيس جمعية ” أصدقاء ثور هيردال ” المهتمة بالتراب المادي واللامادي خصوصا البحري، وبعد مشاركة متميزة TONNERNES DE BREST لسنة 2012، وكان هدف اللقاء أن تنخرط الجمعية كشريك في التنظيم وصرف دعم مؤسساتي بغية الحفاظ على المهرجان الوطني لفن العيطة من جهة وتوسيع عروضه ليصبح مهرجان الصيف لآسفي من جهة أخرى خصوصا بعد أقول فعاليات لا تصمد طويل TRANS ATRS وأمواج.
بفضل هذا الدعم، انتقل المهرجان إلى صيغة أخرى تضيف كبار نجوم الغناء الشعبي، وانتقل إلى منصتين وأحيانا إلى 4 أيام ويعرف حضورا من عشرات الآلاف وندوات قيمة وأخيرا الانفتاح على الدبلوماسية الثقافية للمدن المتوأمة وكان أولها استضافة فرقة تراثية برآسة عمدة مدينة فديريك شمال موريتانيا.
آفــــــاق :
في هذا الجزء من مداخلتي، سأحاول، قدر الإمكان تبيان آفاق المهرجان خصوصا من الناحية الاقتصادية وإمكاناته في حال تثمينه، للعب دور اقتصادي وذلك من خلال مشاركتي في منتديات علمية حول السياحة المستدامة والتضامنية (برشلونة 2015 – كندا 2016 – تونس – البرازيل 2019) قمت بإعداد عدة مداخلات تهم في جزء منها، كيفية استثمار التراث اللامادي ليصبح مدرا للدخل وخالقا للثروة المادية.
وفي هذا الصدد، بينت عدة دراسات في أوربا خصوصا أن استثمار أورو واحد يمكنه جلب 5 أورو في ظرف وجيز من 3 ال 5 سنوات لكن هذا الأمر مرتبط ارتباطا وثيقا بتوفر شروط موضوعية وتضافر جهود عدة متدخلين مع اعتماد المنهجية الملائمة .ونحن مستعدون لوضع كل هذه المعلومات رهن إثارة المتحلين في هذا المجال.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=12073
عذراً التعليقات مغلقة