● محمد شقرون ** عندما تفشت جائحة كورونا : – كوفيد 19 المستجد على كوكب الأرض … هدد الإنسان في وجوده بالإلتزام المنزلي و بعدم تبادل الزيارات … حيث أقرت السلطات العالمية برنامج التعقيم الشامل … لمواجهة هذا الفيروس الإصطناعي لتذاعياته الصحية و الإقتصادية و الإجتماعية … إلى درجة أدرك بعدها العالم هول الكارثة الإنسانية … التي بموجبها فقدنا الأحباب من دون وداع و لا قبلة على الجبين …
إن ما قبل كورونا لن يكون كما بعدها … لذا وجب النظر إلى المرحلة المقبلة بعين التفاؤل … رغم أن الكون سيظل يتذكر عام 2020 المدمر بفيروس : ” كورونا المستجد أو سارس كوف 2 أو كوفيد 19 ” … الذي تلاعب بدفاعاتنا مبكرا على حياتنا … مغيرا تعاملنا مع بيئة هذا الكوكب الأرضي بتلوث هوائه العائد إلى عنفوانه … فكيف سيدور العالم لو خضعت إقتصاداته لقيود من صنع الإنسان و وضع الطبيعة ؟..
و رغم فرض قيود الحجر الصحي الصارمة الإغلاق … فالقضاء على هذا الدخيل بدا سلبيا … حتى أمست النبرة التواصلية بين أفراد العائلات منقسمة تماما … بعدما خسف الوباء الأرض تحت أقدام الجميع … استعرضت معها البشرية لمحاسبة عاجلة بشأن عواقب الإساءة إلى كوكبنا … و المتمحورة في : ” ذوبان الأنهار الجليدية / تلوث الهواء / تدمير الغابات المطرية / ارتفاع منسوب البحار ” …
لقد أشار الخبراء إلى أن بدء عمليات حماية سكان الكرة الأرضية ضد كوفيد 19 رهين بتطوير لقاحات متعددة … بعدما أضحى العالم مدمرا بمسيرته المثقلة بالمآسي … ذلك أن التحدي الذي نواجهه حاليا مهول و غير مسبوق بظهور هذا الوباء بدون مناعة لأيي شخص … و هو المحمول في الهواء و المؤثر على المجرى التنفسي العلوي … بخداعه لنا بطريقة شيطانية و انسلاخه عن نفسه بالإستيلاء على الإنتشار السريع … محولا رئتي المرء إلى مادة معدومة الفائدة … و مفجرا الأوعية الدموية بعد تخريبها بجلطات مجهرية … محدثا خللا في وظائف الكلي أو القلب أو الكبد … و مخرجا كل المعلومات عن السيطرة …
و لمقاومة هذه الجائحة الكونية … فالعلماء يتعاونون بشكل عابر للقارات يعملون بمجهودات جماعية … مفعمين بالزخم الطبي المتشعب و متحدين جدال زعمائهم السياسيين بمشروع : ” الشراكة العالمية للعدالة الصحية ” … في ظل القرن 21 الذي أضحى قرن الأوبئة بامتياز : ( سارس 2003 ) / ( إنفلونزا الخنازير 2009 ) / ( ميرس 2012 ) / ( إيبولا 2014) / ( كورونا 2020) …ليظل الإبتلاء بكوفيد 19 أسوأ الأوبئة على الإطلاق …
إن الدروس الرهيبة المستقاة من هذه الأزمة تكمن في الإتصال الوثيق بين جميع الأشياء … التي كان يبدو بعضها مستقلا عن بعضه … و انغلاقنا بفضل الحجر المنزلي الذي أفضى إلى انفتاحنا أكثر على النظر في المسار الذي يسلكه نوعنا البشري … المتناقض في علاقاته مع الطبيعة … كما أن تأثير الجائحة على الإستثمار في الطاقة … قد وضع العالم على سجل أكبر انخفاض على الإطلاق … ما أفضى إلى انتشار الفقر في جميع أنحاء العالم … خاصة بالأحياء الشعبية العديمة التباعد الاجتماعي … ما أثبت الحاجة الماسة إلى التصدي لعدم المساواة في مجتمعاتنا …
لقد بدأ الأمر و كأن العالم كما نعرفه قد انتهى … و أن عهدا جديدا سيبدأ … فالذاكرة الإنسانية لن تنس عام 2020 … بتغييرات لم يكن لأحد أن يتصورها … نمودجا بالموت في زمن كورونا … ذلك أن أهل الميت ينعونه وحيدين معزولين … مع ممارسة شعيرة غسله باستخدام مستلزمات الوقاية الشخصية … حيث يلفظ المصاب أنفاسه الأخيرة وحيدا معزولا بلا توديع من ذويه … فلا يحظ أحباؤه بتقبيل جثمانه أو لمسه … فقد جعلت جائحة كورونا رحلة الموت الأشد وحدة في تاريخ الإنسانية المشترك …
و إلى جانب الأرقام القياسية التي يواصل الفيروس حصدها من الأرواح … فقد عطل معظم الجوانب الأساسية في حياتنا … و أخرج العالم كله عن مساره … إلى درجة أصبحت معها أنماط سلوكنا غير اعتيادية … ذلك أن وجودنا الجماعي رهين بالقدرة على تواصل العلاقة المباشرة بين الرعاية الصحية و العدالة الإجتماعية … خاصة و أن الجميع يشكل كيانا واحدا في المصير المحتوم …
و الخلاصة !.. فإن تقرير منظمة ” أوكسفام ” السنوي … يشير إلى أن ( 2513 ) ثريا عالميا يملكون ثروة تفوق ما يملكه أكثر من ( 4,5 ) مليار شخص … في الوقت الذي يتسبب فيه الوباء بظهور بؤر جديدة للجوع في العالم … مع العلم أن ما بين جميع البشر رباط أخوة إنسانية لا يمكنه الإنكسار … خاصة و أن الوباء جعلنا أكثر وعيا بأهمية فئات من المجتمع … يعمل في الخدمات الرئيسية … لم يلتفت لها منذ زمن طويل … فلا مفر من تقبيل الحقيقة التي يجليها الموت في زمن الجائحة … و هي أننا جميعا نبحر عباب المحيط على نفس الباخرة … فإما النجاة أو غرق الجميع …
المصدر : https://www.safinow.com/?p=12587
عذراً التعليقات مغلقة