عادل الحارتي
هناك مثل إفريقي قديم يقول: «إذا كنت تعتقد أنك أصغر من أن تحدث فرقاً، فأنت لم تقضِ الليلة مع وجود بعوضة» .. إن أردنا تلخيص هذه السنة فيُمكن جعل هذا المثل إحدى نقاطها الأساسية، أعتقد أن ما عشناه هذه السنة كان مختلفاً تماماً عن باقي السنوات التي عشناها جميعاً .. والعاقل مَن إذا مرت أيامه استفاد منها ومِن دروسها، ودروس سنة (كورونا) دروس عظيمة جدا، ..لكن أهم شيء يجب الاستفادة منه اليوم هو أن التغيير وإحداث الفروق وخلق أجواء جديدة كلها أمور ممكنة مهما كان حجمنا وإمكانياتنا، الشيء الأساس هو أن يتم استثمارها بالشكل الأنسب وفي الأوقات الأصلح، وأن كل واحد منها يمكنها أن تصنع فرقاً .. هذه نقطة.
نقطة ثانية: في الأزمات تتجلى البطولات !
الأزمات التي عشناها كمجتمع مغربي خلال هذه السنة وضعت يدها على كثير من مواطن الخلل وكشفت الحقائق التي لا تظهر إلا عند الشدائد، وأظهرت أن مستقبل المجتمعات مرتبط بكفاءات شبابها وحكمة قادتها وأنه لا مجال للارتجالية والضبابية والعشوائية .. فشكرا لأصحاب البطولات من أساتذة وأطباء ورجال أمن وإعلاميين وفاعلين جمعويين و الذين أدَّوا الواجب الوطني والإنساني وتفانَوا في خدمة المغرب وكانوا ظهورا راسخة لهذا الوطن .. يُقال: لن تكون قمرًا رائعًا لو لم يحاصرك كل هذا الظلام .. لولا ظلام كورونا لم نكن لنتعرف على النجوم الحقيقيين لهذا الوطن !
نقطة ثالثة: يحيا العلم !
مع كامل الأسف .. الدول التي لم تستثمر في العلم والبحث العلمي كانت عالة على الدول الأخرى ففي بداية أزمة كورونا كنا ننتظر كل شيء يخص الڤيروس من الخارج واليوم ونحن في فترة اللقاحات ننتظر مرة أخرى كل شيء من الخارج .. وسنظل كذلك إلى أن نرفع شعار التعليم الرفيع بعيدا من الإملاءات والرؤى الموجهة التي أضرَّت بنا لعشرات السنين.
نقطة رابعة: أسرتنا أرضنا الواسعة !
من لم يشتغل على أسرته ولم يضع لها مبادئ وقواعد وأنظمة .. سيكون قد قضى أسوأ أيامه أيام الحجر الصحي، الأسرة أولاً شعار يجب رفعه في كل الأزمنة، لأنه كثيرا ما سمعنا ورأينا انفجار المشاكل من الأسر .. كشف الحجر الصحي ما كانت الغيابات الكثيرة عن البيت تُخفيه، لقد كشفت الأزمة عن سوء العلاقات الأسرية وعن تصور مشوه لمفهوم الأسرة، لهذا وجب اليوم إعادة صياغة هذه المفاهيم بما يخدم الفرد والمجتمع، فالأسر جُعلت لتكون أرضنا الواسعة التي نسيح فيها، فلا يجب أن نجعلها بأيادينا خندقا مظلما نختنق فيه !
نقطة خامسة: قيمة الأصدقاء في الحياة !
هناك مثل إفريقي آخر يقول: أن تكون بدون صديق يعني أن تكون فقيرًا في الواقع، وحقيقةً أزمة كورونا أظهرت قيمة هذه الفئة من الناس .. فلا تجاوز للصعوبات ولا ارتقاء للدرجات إلا بهؤلاء ..
نقطة سادسة: قضايانا الوطنية والتطبيع وغيره !
كل ما رأينا ومر أمام أعيننا كان مخططات على أوراق متناثرة في مكاتب مراكز الدراسات اشتغل عليها أصحابها بكل قواهم حتى أثمرت أفكارهم أعمالًا وخرجت هذه المخططات من الحبر إلى الأرض .. صدقوني، ما دمنا لا نخطط من أجل وطننا ونهضته فسنظل في مخططات غيرنا .. وكما يُقال: (وإلى أن يكون للأسود مؤرخوها، فإن قصص الصيد ستظل تعظم الصيادين دائما.)، قضايانا تحتاج إلى رجال يشتغلون عليها .. ونسطر على كلمة رجال.
هنا لابد لنا أن نحمد الله على القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله و أيده و الذي عبر عن حبه لشعبه الوفي و مساندته العظيمة في محنته بعد دخول البلاد مرحلة الحجر، و بحكمته السديدة انفرجت الأزمة و انكشفت الغمة بإنجاز تاريخي سيعود بنفع اقتصادي و سياسي و اجتماعي على مملكتنا الحبيبة من طنجة إلى لكويرة.
أخيرا دروس سنة كورونا كثيرة جداً يجب فقط أن نعتبرها و لاننظر فقط للجزء الفارغ من الكأس.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=12642
عذراً التعليقات مغلقة