عبد اللطيف أبوربيعة ..
لا يجادل عاقلان في أن النظام العسكري الجزائري المصاب بمرض اسمه ” المغرب والصحراء المغربية” لم يتمكن منذ ما يقارب 50 سنة من إيجاد الوصفة المناسبة للتشافي منه بحيث لا يترك مناسبة تمر سواء اجتماع أو لقاء أو جلسة إلا واشتكى من هذا المرض ..مرض تزداد حدته لدى النظام العسكري الجزائري كلما حقق المغرب إنجازا ما أو نجاحا ما بحكم الحساسية المفرطة لهذا النظام اتجاه كل ما هو مغربي .. مرض بدأت بوادره الأولى في الظهور على الجسم العسكري الجزائري منذ أن أجلى المغرب المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية ونظم المسيرة الخضراء المظفرة لمبدعها ومخرجها المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله الذي جمع فيها بين الدهاء السياسي والذكاء القانوني لتعتبر حدثا تاريخيا وإنجازا عظيما غير مسبوق.. مسيرة حملت يوم السادس من نونبر 1975 أكثر من 350 ألف مغربية ومغربي إلى الصحراء ، بحيث وصل العدد إلى 425 ألف متطوعة ومتطوع حسب مستشار جلالة الملك آنذاك المرحوم” عبد الهادي بوطالب “..مسيرة خضراء سلمية لاسترجاع الصحراء ولصلة الرحم مع الأهل والأحباب والإخوة المغاربة المقيمين هناك ومن أجل القطع مع مرحلة الاستعمار الاسباني وإعطاء الانطلاقة لمرحلة الوحدة والبناء والتنمية تحت لواء العلم الوطني المغربي وبشعار ” الله الوطن الملك”.. مرحلة لم يجد النظام الجزائري بدا من معاكستها وزرع الأشواك في طريقها بحيث يجن جنونه ولم يتأخر في الرد عليها الهواري بومدين رئيس الجزائر آنذاك بمسيرة سوداء أطلق عليها هذا الأخير مسيرة الدموع حيث أقدم النظام وفي جريمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية انعدمت فيها الأخلاق والإنسانية وتجلى فيها البطش والتنكيل في أبشع صورهما ، (أقدم) يوم 18 دجنبر 1975 الذي تزامن مع عيد الأضحى على الترحيل القسري في حق ما يفوق 350 ألف مغربية ومغربي مقيم بالجزائر، نعم ما يفوق 46 ألف عائلة بشيبها وشبابها وصغارها وجدت نفسها بين عشية وضحاها مرمية على الحدود المغربية الجزائرية في عيد الأضحى بعد أن تم تجريدها من ممتلكاتها ومتاعها.. الجريمة البومدينية السوداء التي جاءت على بعد شهرين من المسيرة الخضراء المظفرة والتي اقترفت في حق الرعايا المغاربة اعتبرت في رأي المهتمين بالمأساة الاجتماعية والكارثة الإنسانية التي لم تحترم كرامة الإنسان ..جريمة يتذكرها الأستاذ ” ميلود شاوش ” رئيس جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر والذي لم يتجاوز عمره آنذاك ثماني سنوات ،على أنها لم تكن عملية ترحيل حوالي نصف مليون مغربية ومغربي بل كانت بمثابة جريمة تهجير هؤلاء من الجزائر بشكل مفاجئ ودون إخبارهم ولم تعطى لهم الفرصة لترحيل متاعهم بل تمت مباغثتهم وإخراجهم من منازلهم بالملابس التي وجدوا عليها ومنهم من أخرجوا حتى من المستشفيات ( نساء في فترة الولادة ومرضى) ،بل حتى أطفال المدارس منهم من عاد للمنزل ولم يجد أسرته.. فكانت بحق اسم على مسمى مسيرة الدموع التي أسالت دموع المغاربة المطرودين وحتى الجزائريين بحكم تواجد عائلات مختلطة جزائرية مغربية..مسيرة اعتبرت بحق جريمة القرن التي اقترفها النظام الجزائري في حق فئة من المغاربة وكذا الجزائريين لازالوا حتى الآن يعانون من آثارها النفسية ..
المصدر : https://www.safinow.com/?p=12790
عذراً التعليقات مغلقة