الخاوة بالجزائر الشقيق بين مطرقة مرض الحكام وفساد الحاكمين وسندان تسمين القطاع الانفصاليين ..
عبد اللطيف أبوربيعة
..لا شك أن المتتبع للشأن الجزائري يدرك يوما بعد يوم أن مؤسسات الدولة الجزائرية لا السياسية ولا الاقتصادية ولا الاجتماعية تهوى الواحدة تلو الأخرى في ظل نظام عسكري ديكتاتوري يقود البلاد نحو المجهول بعد أن جعل من الحكام المدنيين من رؤساء وحكومات يختارهم على المقاس دمى يحركها كيف شاء ، يخفيها ويظهرها متى شاء وقد ينحيها متى اقتضت ذلك مصالح الجنيرالات العجزة المتحكمين الحقيقيين في دواليب الحكم بهذا البلد الشقيق ، بلد تزداد أحواله من سوء إلى أسوأ..
لا شك أن هذا المتتبع سيقف مشدوها وهو يشخص حالة المرض التي توجد عليها ” الدزاير” الشقيقة الغنية بالثروات الطبيعية ، حالة مرضية استشرت في الجسم الجزائري العليل بدءا بمؤسسة رئاسة الدولة بقصر المرادية حيث وبعد التنحية الهيشكوكية للرئيس السابق ” عبد العزيز بوتفليقة ” الذي حكم الجزائر مقعدا على كرسي متحرك وصامتا لا يستطيع حتى الكلام أو الإشارة قبل أن ينحى بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية والسخرية العالمية و يتم تنصيب الرئيس الحالي ” عبد المجيد تبون” الغائب أو المغيب بسبب المرض والذي لا يكاد يظهر ويجلس على كرسي الرئاسة ليمرر به الجنيرالات الحاكمين الحقيقيين قرارات تخدم مصالحهم وتضر بمصالح الخاوة بالجزائر الشقيق، حتى يغادر هذا الكرسي مكرها لا بطل مباشرة بعد عملية التمرير ويتم تغييبه من جديد بداعي المرض وضرورة مغادرة البلاد للعلاج خارج الجزائر وبالضبط بألمانيا التي رفضت سلطاتها مؤخرا إقامته فيها للعلاج بمؤسساتها الاستشفائية ليتم نقله إلى وجهة مجهولة ..
وبما أن مؤسسة الرئاسة مريضة ومغيبة ، لا بد أن تترك خلفها وتنتقل العدوى لمؤسسة الحكومة الصورية التي لا تحكم بل متحكم فيها من طرف العسكر ، حكومة فشلت على العديد من المستويات زاد من كشف عورة فشلها الذريع طريقة تعاطيها وتدبيرها لجائحة كورونا والتي أثرت بشكل كبير على فئات عريضة من الشعب وجعلتها تعيش تحت عتبة الفقر دون أن تنجح هذه الحكومة في ابتكار الحلول للخروج من الأزمة مما دفع الساكنة باستمرار إلى الاحتجاج هنا وهناك رغم القمع الذي يطالها من النظام العسكري ، احتجاج قد يعيد الحراك من جديد إلى شوارع وأزقة الجزائر بشكل غير مسبوق نظرا لتفاقم الأوضاع المعيشية والبطالة والفساد السياسي والإداري المستشري في البلاد..
وبما أن المؤسسة الرئاسية مريضة ومغيبة والحكومة فاشلة محكومة والصراع محموم للأجنحة على السلطة والنفوذ على شاكلة صراع العصابات من أجل البقاء والتحكم والاستحواذ عن الغنيمة ، وبما أن السلطة المطلقة هي بيد جنيرالات الجيش الآمرين الناهين في البلاد ، وفي ظل غياب حلول جدرية لحل الأزمة الاجتماعية بالجزائر.. أصبح مصير ومستقبل فئات عريضة من الطبقة الفقيرة والوسطى الجزائرية خاصة في حكم المجهول ..فئات وجدت نفسها عرضة للانتظارية ، حكم عليها بالوقوف يوميا في طوابير طويلة أطلق عليها ( طوابير شكارة حليب وحفنة طحين) تنتظر دورها الذي يأتي أو لا يأتي للحصول من عدمه على الحليب والطحين والشغل والسيولة التي هجرت المصارف في البلاد .. سيولة تهاوت إلى أدنى مستوياتها بنهاية سنة 2020 بسبب افتقار الدولة إلى موارد مالية إضافية خاصة مع تدني عائدات النفط والغاز في السوق العالمي واللذان يعتبران الركيزتان الأساسيتان للاقتصاد الجزائري في غياب تنوع اقتصادي وإنتاجي في البلاد من شأنه التخفيف من الأزمة..
وفي الوقت الذي يرى فيه المتتبع بلدا يزخر بالموارد الطبيعية من نفط وغاز وذهب وغيرها ينخره الفساد السياسي والإداري و شعبه يشكو من الجوع والبطالة ،يتساءل عن غاية الحكام الفاسدين بالجزائر والذين تركوا هذا الشعب المسكين والمغلوب على أمره يواجه مصيره المجهول واختاروا إغداق الأموال والهدايا كرشوة منذ ما يزيد عن أربعين سنة لتمويل حملتهم المسعورة (المغلفة بالمبادئ الثورية الرنانة التي أكل عنها الدهر وشرب وانتهت صلاحيتها مع نهاية الحرب الباردة من قبيل حق الشعوب في تقرير المصير ..) ضد مصالح المغرب والمغاربة ومعاكسة الوحدة الترابية للمملكة من خلال تبني طرح توسعي انفصالي خلقه الحكام بالجزائر واختاروا له من الأسماء ” جمهورية وهمية بالصحراء ” جعلوا على رأسها من القادة الانفصاليين الفاسدين حفنة من الإرهابيين وقطاع الطرق والانتهازيين الهاربين من العدالة ..جمهورية وهمية لا توجد إلا في مخيلة من صنعها ومن حصل على المقابل المالي من الجزائر للدفاع عنها ، وفكرة توسعية أرادت بها الجزائر ولم تفلح في الحصول على منفذ على المحيط الأطلسي عبر التراب المغربي لتصدير إنتاجها من النفط والغاز ليس إلا..جمهورية كارتونية سقطت آخر أوراق توتها بمجرد تطاولها على قطع الطريق والتسبب في بلوكاج تدفق المنتجات ومرور الشاحنات والمركبات المغرب إلى افريقيا عبر معبر الكركرات الحدودي المغربي والذي تمكن الجيش المغربي المرابط بالصحراء من تأمينه في وقت قياسي ودون إراقة أي قطرة دم لتعود الأمور إلى نصابها ، وهي العملية التي لاقت تأييدا ودعما غير مسبوق لما قام به المغرب بعد ما تضاعفت وتنوعت نداءات الاستنكار والسخط ضد قامت به البوليساريو بتخطيط ودعم من حكام الجزائر ..وهو لعمري خطأ وانتحار دبلوماسي وسياسي للبوليساريو والجزائر توج بالاعتراف التاريخي للولايات المتحدة كقوة عظمى مساهمة في صياغة تقارير مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء المغربية ، اعترافها بالسيادة المغربية على كافة التراب الوطني بما فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة ، وسيكون له ما بعده بعد إعلان الإدارة الأمريكية عن فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة المغربية إسوة بمجموعة أخرى من الدول الصديقة والشقيقة للمملكة المغربية والتي فتحت قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة المغربيتين في حين سحبت أخرى اعترافاتها بالجمهورية الوهمية صنيعة الجزائر.
فإلى متى سيبقى الخاوة بالجزائر الشقيق بين مطرقة مرض الحكام وفساد الحاكمين وسندان القطاع الانفصاليين؟
المصدر : https://www.safinow.com/?p=13215
عذراً التعليقات مغلقة