على بعد أشهر قليلة من الانتخابات وبجماعة سبت جزولة أضحت ظاهرة البناء العشوائي ذات أبعاد شتى تتجلى في اكتساح الأراضي غير المجهزة والتي انتشرت فيها الظاهرة بسرعة غير متوقعة. إلا أن اللافت للإنتباه في هذه الظاهرة أن الأطراف المتورطة فيها بشكل مباشر تتشابه من حيث وظائفها وتمثيليتها وأدوارها. ومن هذه الأطراف بعض رجال السلطة الذين يفسرون القانون حسب هواهم وما يجنون منه، أما الطرف الثاني المتورط في هذا الملف فهم بعض المنتخبين، منهم مستشارون جماعيون وبعض الرؤساء كذلك، ابتداء من تسليم شهادة عدم التجزئة لحيازة العقار ومرورا بالتغاضي عن البناء غير المرخص، وانتهاء بتسليم شواهد إدارية مزورة للربط بشبكة الكهرباء والماء تحت ذريعة أن البناء المعني بأمر الشهادة قديم. وبين أول مرحلة و آخرها تكون الحماية مضمونة طبعا لبناء مساكن في ليلة واحدة! وتكون مفتقدة لأسس البناء من تجهيزات ضرورية كقنوات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب. وتنشط هذه العملية كثيرا عند الإعلان عن تواريخ الإستحقاقات السياسية وأثناء الحملات الإنتخابية، من أجل الظفر بمقاعد في الجماعات أو في البرلمان والتي لن تساهم بأي حال من الأحوال في تحسين الظروف المعيشية لهؤلاء.
جريدة أسفي الأن ومن خلال تتبعها اليومي لما يحدث بجماعة جزولة يمكن أن نستنتج أن البناء العشوائي آخذ في الإنتشار بشكل كبير، إذ يشكل البناء بدون ترخيص ما يزيد عن 80 بالمائة ، وهو البناء الذي يتم دون التوفر على تصميم مرخص، كما تنص على ذلك المقتضيات التنظيمية المتعلقة بالتعمير، ولعل الظاهرة التي تستدعي الإهتمام المتزايد هي تلك المرتبطة بالتجزيء و تقسيم العقارات دون احترام المسطرة القانونية التي تنص عليها مقتضيات القانون الجاري به العمل في هذا الباب، و تكمن خطورة هذه الظاهرة أيضا في كونها مصدرا لميلاد وحدات سكنية بشكل عشوائي، دون أّذنى الشروط الصحية، كقنوات صرف المياه ( الواد الحار) وشبكتي الماء الصالح للشرب والكهرباء، والشبكة الطرقية، و في غياب كذلك المعايير التقنية لضوابط البناء ناهيك عن العدد المتزايد للسكان الذين تستقطبهم هذه المنطقة التي اصبحت إرث لما أرث له، الأمر الذي يطرح عدة مشاكل أخرى كقيام أنشطة متنوعة غير مهيكلة، ودون أية مراقبة أو تنظيم، الشيء الذي ينعكس سلبيا على المجهودات المبذولة في ميدان التخطيط الحضري.
أما بخصوص عدم مطابقة البناء للتصميم المرخص، فإن الأمر يتعلق بإضافة طابق علوي أو غرف السطح أو تغطية البهو أو الزيادة في علو المبنى. كما أن رخص الإصلاح يتم استغلالها بهدف القيام بعملية البناء، علما بأن هذه الرخص تبقى منحصرة في القيام بإصلاحات للمبنى و ترميمه دون إدخال أي تعديل على شكله الأصلي، ورغم ما تقوم به المصالح المختصة من مجهودات، تعترض مراقبي المخالفات عدة صعوبات في القيام بواجبهم، نذكر منها على وجه الخصوص: عدم الإدلاء بالمعلومات من طرف مرتكبي المخالفات، وغياب صاحب الملك أو المكلف بالتتبع، وبالتالي استحالة القيام بأي إجراء، كما أن العديد من المخالفين يرفضون الإفصاح عن هوية صاحب الملك أو البناية التي توجد في طور البناء إضافة إلى غياب التصاميم غير المصادق عليها.
لقد عرفت حركة التعمير بالمغرب في العقدين الأخيرين نموا سريعا و متزايدا فاق بكثير معدل النمو العمراني الذي عرفه في بداية القرن. وترجع هذه الظاهرة لعدة أسباب، منها على وجه الخصوص الهجرة القروية والنمو الديمغرافي والمضاربة العقارية وحب التملك والإقامات الثانوية، إلى غير ذلك من العوامل التي تختلف و تتعدد حسب الجهات والأقاليم، وقد واكب هذا النمو الملحوظ انتشار ظاهرة التجزئات العشوائية والبناء غير القانوني، مما أصبحت معه التدابير المنصوص عليها في القوانين التي كان معمولا بها قليلة الجدوى والفعالية و يتعلق الأمر بكل من ظهيري: 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير. وظهير30 شتنبر 1953 المتعلق بالتجزئات العقارية، مما أدى بالمشرع إلى إصدار ظهيرين جديدين لتنظيم وهيكلة القطاع: الظهيرالشريف رقم 17 .92 الصادر في 15 ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يوليو بتنفيذ القانون رقم 25 . 90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
والظهير الشريف رقم 92 .31 الصادر في 15من ذي الحجة 1412 الموافق ل17 يونيو بتنفيذ القانون رقم 16 . 90 المتعلق بالتعمير.
فما هي مظاهر التشابه والإختلاف بين مقتضيات القوانين في كل من ظهيري 1953و 1952 وظهير 1992 بالنسبة للوسائل والإجرائات التي يمكن نهجها لمراقبة عمليات البناء، وزجر المخالفات في ميدان التعمير؟.
1 زجر المخالفات في ميدان إحداث التجزئات والبناء في ظل الظهيرين الشريفين الصادرين سنتي 1952 و 1953 .
المسطرة الإدارية : يتم إثبات المخالفة في ميدان التعمير والتجزئات العقارية حسب مقتضيات الظهيرين الشريفين لسنتي 1952و1953 عن طريق إثبات المخالفات من خلال معاينة في الشأن بواسطة الأعوان المحلفين الموكولة لهم هذه المهام لتحديد نوعية وطبيعة المخالفة.
ولعل الأمر بإغلاق الأوراش فور إثبات نوعية وطبيعة أي مخالفة يتم مباشرة بعد ذلك إصدار أمر إلى المخالف بإغلاق ورشته واستدعائه لتصحيح وضعيته أمام المصالح المختصة، مع ضرب الآجال المحدودة لذلك.
يــــــــــــتــــــــــبــــــــــع………………………………
المصدر : https://www.safinow.com/?p=13628
عذراً التعليقات مغلقة