المتحدث ذاته ، أشار إلى ما أفرزه تداعي جائحة كورونا في العالم ، والذي جعل العديد من القطاعات الاقتصادية التنموية في البلاد تقف وتعاني مما جعلها تحاسب نفسها ومنها قطاع السياحة المستدامة والتي لم تكن معروفة بالشكل الكبير في بلادنا ولو أنها تتجلى في تقاليدنا وعاداتنا منذ القدم وهو ما يتجلى في الاعتماد على المواد الأولية والغذائية والموارد الطبيعية الموجودة بكل منطقة منطقة ..
من جهة أخرى ، يوضح الخبير السياحي ” أحمد كسيري” في تقريبه لعلاقة السياحة بالتنمية ، أن الحديث عن السياحة هو حديث عن قطاع في حاجة لهيكلة واقتصاد خاص به باعتباره مورد يمكن الدولة العملات الصعبة ..وبلغة الأرقام فأي سائح دخل المغرب وصرف 10 أورو في اليوم سيضخ في أسبوع لخزينة الدولة 70 أورو بالإضافة إلى مصاريف الإقامة والسفر فقد تصل إلى 500 أورو في الأسبوع ..والسياحة المستدامة كقطاع يساهم بشكل كبير في التنمية الوطنية وهو ما تحدث عنه جلالة الملك محمد السادس في أكثر من مرة ودعا إلى إعارة الاهتمام لهذا القطاع وتنميته وجعله قطاع يشتغل على طول السنة ولا يرتبط بفصل من الفصول في السنة ..كما أن القطاع السياحي المستدام ليس هو سياحة الكتلة كأن تنزل 40 ألف سائح مثلا في يومين تحطم الطبيعة والبيئة ولا نستفيد منها كما هو الشأن بالنسبة للسياح المحملين على ظهور البواخر المارين من المياه الوطنية أو المتوقفين اضطراريا لمدة قصيرة بالموانئ والذين لا يستفيد منهم مهنيو السياحة المستدامة ولا يساهمون في أية تنمية سياحية تذكر بقرانا وبمناطقنا النائية والتي لها سائحها الذي يجد مشاكل في الولوج إليها باعتبارها لا تسوق بالشكل الجيد..
ومن بين المناطق التي ركز عليها الخبير المغربي منطقة الصحراء المغربية وواقع السياحة المستدامة بها باعتبارها رافعة من رافعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة وآلية من آليات التعريف بالقضية الوطنية لدى الأجانب..متسائلا كيف يمكننا استقطاب سياح من أوربا ومن العالم ليزوروا الصحراء المغربية ويروا العلم الوطني المغربي يرفرف في هذه البقاع ونضمن عودتهم مرة ومرات أخرى للمنطقة إذا لم نهيئ لهؤلاء السياح عرضا في مستوى جمالية وعراقة المنطقة الجنوبية الصحراوية المغربية ؟ مردفا أن ذلك لا يمكن أن يتأتى دون تأطير وتكوين المهنيين والعاملين في القطاع السياحي المستدام بالمنطقة سواء بوادنون أو المرسة أو طرفاية أو بوجدورأو العيون أو السمارة أو الكركرات :المهنيين ممن يتوفرون على ” جيت” أو ” أوبيرج” أو “دار الضيافة ” أو ” ضيعة للضيافة ” أو أي مأوى سياحي مستدام .. تأطير هذا المهني لكي يعيش من مشروعه دون الحاجة في يوم من الأيام لمصدر آخر للعيش خاصة في وقت الأزمة كالتي تركتها جائحة كورونا وما تلاها من إغلاق للحدود والذي أثر سلبا بشكل كبير على القطاع السياحي المستدام..ضاربا مثلا بضيعة الضيافة كمأوى سياحي والتي من الضروري أن يتوفر محيطها عن ضيعة إيكولوجية تحترم البيئة ويتعامل معها بطريقة تجلب السائح المستهدف ممن يختار هذا النوع من الضيعات و يفضل رؤيتك تشتغل وتنتج من الطبيعة المحيطة بك ..هذا السائح هو أكبر آلية أو موقع إشهاريي يمكنك الاعتماد عليه للتعريف بمنطقتك وبضيعتك وبمنتوجك في زمن الرقمنة والديجيتال ..الخبير الدولي السياحي ” أحمد كسيري” ، يضيف أن الإشكالية التي يجب الاشتغال عليها والتي وضعتها الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة ضمن أولوياتها هي تهييء العرض السياحي المستدام : سياحة رياضية وبيولوجية وثقافية وتراثية ووبيئية .. قروية ، جبلية، شاطئية، صحراوية وغيرها والتي إذا ما قمنا بعملية حسابية نجد أن المناطق الصحراوية المغربية لا تستفيد منها بالشكل المطلوب مما يستوجب الاهتمام بها وتسليط الضوء عليها بشكل أكبر وعلمي خدمة للمهنيين العاملين بالقطاع وتعريفا بالتنوع السياحي الوطني بما فيه الصحراوي المغربي بمختلف تجلياته..
وفي هذا الإطار ، يذكر المتحدث ذاته بآلية التشبيك والتي اشتغلت عليها الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة كآلية للم شمل المهنيين والمهتمين والعاملين بالقطاع السياحي المستدام وتأطيرهم وتكوينهم والترافع على مصالحهم ..
وفي رده على سؤال حول أهمية آلية الجرد في تنمية السياحة المستدامة في الأقاليم الجنوبية للمملكة ، أوضح ” كسيري” أن الجرد الخرائطي من شأنه تسهيل مأمورية تعرف السائح عن المغرب أو عن جنوبه قبل أن يقرر السفر إليه بما في ذلك التعرف على مناطق المغرب وعاداته وذلك بمجرد اطلاعه في بلده على كتيب أو دليل يتضمن كل هذه المعطيات بما فيها الجرد الخرائطي..وهو ما تعمل عليه الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة من خلال القيام بجرد الموروث الثقافي والتراث المادي واللامادي للمناطق الصحراوية المغربية والغير مرصود والغير المسجل بالشكل المطلوب وهو ما تعمد فعله المستعمر الذي ترك الأمور على ما هي عليه ولم يستثمر في إظهار التراث المادي واللامادي للمنطقة ، اللهم ما حافظ عليه بعض الإخوة الصحراويون من أبناء المنطقة بما يتوفرون عليه من إمكانيات ذاتية بسيطة ..لكن علميا لم يتم الجرد ولا التشوير ولا إعداد بطائق رقمية حديثة المعمول بها حاليا للتعريف بالمنطقة ..وهو لعمري ، يشدد المتحدث ذاته ، دورنا في المجامع العلمية وفي منصات البحث العلمي وفي الجمعيات المهتمة لإعطاء القيمة الحقيقية لأقاليمنا الجنوبية بما فيها الصحراء المغربية..
وحول صعوبة إجراء الجرد بالنظر لشساعة منطقة الصحراء المغربية ، أكد الباحث كسيري أن الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة على تواصل دائم ومثمر مع المؤسسات الجامعية المغربية رغم إكراهات العطلة وتداعيات جائحة كوفيد وأن ما يفوق 90 في المئة من الجامعات المغربية منخرطة مع الجمعية في هذا المشروع الوطني الطموح والفريد من نوعه على الصعيد الوطني والذي يستهدف الصالح العام وصالح الإنسان الصحراوي المغربي الذي يعيش بالصحراء المغربية من أجل أن يتوفر على تنمية مستدامة وسياحة مستدامة يفهمها ويعرفها ومؤطر داخل إطار الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة..
و حول بداية تفعيل مشروع الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة ،أوضح الرئيس الشرفي للجمعية أن هذه أرضية المشروع هي الجمعية المغربية لتنمية السياحة المستدامة والمهنيين والمهتمين المنضوين تحت لوائها في جميع أنحاء المغرب من طنجة للكركرات والملتئمون داخل شبكة مغربية لتنمية السياحة المستدامة والتي تم الاشتغال عليها قبل سنة تقريبا ولا زال البحث جاريا على استقطاب المهنيين والمهتمين ممن ينسجمون مع أهداف الجمعية المغربية..هذه الأخيرة نقوم الآن بالتأطير بمختلف جهات المملكة خلال الثلاثة أو الأربعة أشهر القادمة وتشتغل بالموازاة مع ذلك على هيكلة المناطق الجنوبية بالصحراء المغربية للمملكة والذي سيكون إن شاء الله خلال نهاية نهاية 2021 وبداية سنة 2022 وذلك من خلال زيارات ميدانية حسب ما تسمح به الوضعية الوبائية بالمملكة متمنيا أن تتحسن مؤشراتها وتنعم بلادنا ومواطنونا بالصحة والعافية والعيش الكريم ..
من جهة أخرى واعتبارا لكون الدبلوماسية الموازية هي من أهم الآليات التي يجب الاعتماد عليها في الترويج للسياحة المستدامة بالصحراء المغربية والترافع على القضية الوطنية بالخارج ، يرى ” أحمد لكسيري ” أن من واجب المصالح المعنية بالمهاجر في الخارج عموما وفي اسبانيا التي يقيم بها على وجه الخصوص ، أن تعمل على تعريف هذا المهاجر وخاصة الأطفال من أبناء المهاجرين بالقضية الوطنية التي يجهلون عنها الشيء الكثير والعمل على إعداد برامج لفائدتهم تعرفهم بهذه القضية وتذكي فيهم روح الترافع عليها منذ نعومة أظافرهم ..ومن أمثلة البرامج تنظيم مخيمات صيفية لهؤلاء الأطفال بالمناطق الصحراوية المغربية ليطلعوا على هذه المناطق ويتعرفوا على تاريخها وجغرافيتها ومؤهلاتها الطبيعية والبيئية والاقتصادية والفكرية والثقافية والتراثية وعلى عادات وتقاليد ساكنتها والاندماج معهم.. وأوضح المتحدث ذاته بصفته الرئيس الشرفي للجمعية المغربية للسياحة المستدامة ، أن هذه الأخيرة تتوفر على برنامج طموح في هذا الاتجاه يقضي بتنظيم مخيمات صيفية بالأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية لفائدة أبناء المهاجرين من بين أهدافها تعريف الأطفال والشباب خلال مدة المخيم على الصحراء المغربية وجعلهم يلامسون رمالها ويتعايشون مع أهلها وأطفالهم والاحتكاك معهم وأخذ دروس تقوية في اللهجات المحلية واللغة العربية مما سيجعلهم يحبون المنطقة وساكنتها من المواطنات والمواطنين المغاربة ويندمجون في النسيج الثقافي والتراثي والاجتماعي بالصحراء المغربية وهذا سيمكنهم من التحدث عليها مستقبلا ويعرفوا بها حين عودتهم من المخيمات أصدقاءهم من الأطفال الإسبانيين أو الأوربيين بشكل عام والذين سيتشبعون لا محالة بأن هناك منطقة تسمى الصحراء المغربية ومن تم يمكن للأطفال والشبان المغاربة استضافة هؤلاء الأصدقاء بدورهم للتعرف على المنطقة وهي طريقة أخرى لجلب السياح الأوربيين في المستقبل للتعرف على مناطق المغرب بما فيها الصحراء المغربية ..ثم إن هذا لعمري جانب ، يقول كسيري ، سيسلح هؤلاء الأطفال ممن قد يصبحون ديبلوماسيين أو سياسيين في المستقبل بما سيدافعون به ويترافعون به على القضايا الوطنية وفي مقدمتها الصحراء المغربية
المصدر : https://www.safinow.com/?p=14910
عذراً التعليقات مغلقة