“في زمن هدا يصلح كل شيء ليصبح الصدق شيئًا ثمينًا، حتى يحاصر الكذب بالسياج أو الحائط ، مقولةٌ أوردها أستاذ العلوم السياسية الأمريكي “جون ميرشايمر” على لسان رئيس الوزراء البريطاني الراحل “ونستون تشرشل” في كتابه “لماذا يكذب القادة؟ حقيقة الكذب في العلاقات الدولية”.
لا تختلف مقولة “تشرشل” كثيرًا عما ذهب إليه الفيلسوف والسياسي الإيطالي “مكيافيلي” من أن “الغاية تبرر الوسيلة”، كما أنها لا تختلف عما شهده تاريخ بعض رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية من قصص الكذب، والتي بات بعضها أشهر من قصص “ألف ليلة وليلة”.
موسم الانتخابات هدا الذي سوف تعرفه بلادنا على بعد أيام قليلة والتي سوف تجمع في يوم واحد الانتخابات الجماعية والجهوية والبرلمانية ، لكن الأكاذيب الانتخابية كثيرة ومتنوعة والوعود الانتخابية ما أكثرها وأسهلها وموسم الانتخابات يذكرني دائماً بكذبة أبريل، تلك الكذبة البريئة التي تتسم دائماً بالطرافة فنسمعها ونضحك، أما موسم الكذب غير البريء فيهل علينا دائما في الانتخابات ويستمر طوال فترة الدعاية الانتخابية والمرشح الكذاب جاهز دائماً للإجابة علي كل سؤال فالأمر لا يتطلب منه سوي الرد بأي كلام كبير وإطلاق الوعود بسخاء والاستجابة لكل الطلبات مهما كانت غرابتها!
و يعد التصويت وسيلة هامة وأساسية يمكن للأفراد من خلالها التأثير على القرارات. والتصويت هو قيام الفرد باختيار أحد المرشحين لتمثيله في الهيئات المنتخبة التي تتولى إعداد القوانين أو في بعض مناصب اتخاذ القرارات.
غالبا ما يجري التصويت ضمن عملية انتخاب تتم على المستوى الوطني أو المقاطعة. و من الجدير بالانتباه أن الانتخابات المحلية أو على مستوى البلديات تعد بذات أهمية الانتخابات المتعلقة بالهيئات الوطنية أو الإقليمية.
والمرشح الكذاب لا يسعي إلي الفوز بعضوية الجماعة أو البرلمان من أجل خدمة أبناء الدائرة كما يدعي ولكن من أجل الحصول علي الحصانة وما أدراك ما الحصانة، هذه الكلمة التي لها مفعول السحر ولولاها ما تقدم أحد من أصحاب الملايين ورجال الأعمال بالترشيح لعضوية البرلمان فبحملهم لها يتم تعويض الملايين التي تنفق علي الدعاية الانتخابية وبها تفتح الأبواب المغلقة وتقضي المصالح الذاتية لأن المال عندما يمتزج مع الحصانة في سلة واحدة تضيف الملايين للحصانة بريقاً وتجعل الأخيرة لسابقتها سنداً يجعلها بعيدة عن الملاحقة والاشتباه ويجعلها فى قرار مكين.
والواقع أن مقاربة الحملة الانتخابية الجارية ، يبقى محكوما-في كل الحالات- بمجموعة من الملاحظات الأساسية التي تؤطر الفعل الانتخابي في علاقاته بالاتصال السياسي او المؤسساتي داخل خصوصية النسق السياسي المغربي بمؤسساته وفاعليه السياسيين ،هذه الخصوصية التي يجب استحضارها في كل مقاربة للحملة الانتخابية لتفادي الأحكام الجاهزة او الإسقاطات المحتملة للحملات الانتخابية التي تحكم نظريا الانتخابات الجماعية أو التشريعية.
غير أن استحضار هذه الخصوصية، يجب ان لا يلغي شرعية التساؤل حول شكل ومضمون وإستراتيجية وعلاقة الحملة الانتخابية الجارية – الممتدة من و إلى – بالمواطن و بالتحولات السوسيو – الثقافية والسياسية والاجتماعية العامة التي تطال المجتمع المغربي .
و قد نصت المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن:
لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده.
إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.
و قد جرى التأكيد على ما لإجراء انتخابات دورية ونزيهة من دور في احترام الحقوق السياسية في العديد من الصكوك الدولية والإقليمية كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وميثاق منظمة الدول الأمريكية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
لكن رغم هذه الملاحظات على الحملة الانتخابية نتمنى رؤية مؤشرات دالة من الحملات الانتخابية من طرف الدولة ومن الأحزاب السياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولو على الأقل إقناع المواطن للذهاب يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021 إلى صناديق الاقتراع ليس عشقا في تدبير الدولة للانتخابات او اقتناعا ببرامج الأحزاب السياسية او تأثرا باستراتيجيات الحملة الانتخابية ولكن خوفا على مصير الوطن، لان اليوم الشاق والصعب في هذه الانتخابات ليس هو يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، ولكن يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021 وما يليه لان مطالب الحراك الاجتماعي كثيرة وشعوب المحيط الإقليمي ساخطة وعيون العالم مراقبة لما يجري بالمغرب.
.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=14937
عذراً التعليقات مغلقة