الوصية الأخيرة لشهداء الأوكسجين بأسفي …رجاء : أرواحنا ليست للبيع”.

الوصية الأخيرة لشهداء الأوكسجين بأسفي …رجاء : أرواحنا ليست للبيع”.

-أسفي الأن
2021-08-19T10:32:33+01:00
الشأن المحلي
-أسفي الأن19 أغسطس 2021آخر تحديث : الخميس 19 أغسطس 2021 - 10:32 صباحًا
33 - يوسف بوغنيمي .

نحن شهداء الأوكسيجين نساء ورجالا بحاضرة المحيط ، نناديكم ونشد على أياديكم ياساكنة عاصمة عبدة …ويا حفدة ابن خلدون ،نهمس في آذانكم ونصرخ بأعلى صوت لنقول لكم ،نحن ببساطة زمرة البسطاء اللائي والذين لا نملك لأنفسنا أموال تكاليف التطبيب بالمصحات الخاصة ،ولا نملك حتى سيارات أو شقق مفروشة لنحج لعاصمة الجهة لننشد الحياة ، فالعين بصيرة واليد قصيرة ،رجاء أيها المسؤولون لاداعي أن تتعارض تقاريركم مع بيانتكم في إحصائنا، فعددنا لا يهم ،لأنه مهما حصل، نعلم أننا لسنا سوى مجرد أرقام لا أسماء ستسجل حتما في سجلات جردكم ، سامحونا لأننا كنا نود الرحيل في صمت دون أن تسلط علينا الأضواء ويكثر اللغط ،عذرا لم نفارق أسرتنا طواعية بل غصبا مع عزائنا لأنفسنا وحرقتنا على من نحب ،نحن من عانقنا الثرى ليلة ثلاثاء نفاذ الأوكسجين ، ونؤكد لكم أنه لم يكن باليد حيلة ، وأننا كذلك لم نقتل أنفسنا شنقا كما تمنى البعض ؛ ولم نختر أن ننتخر جماعة ليعم السخط ونقلب المواجع ،وددنا لو رحلنا فرادى ليتوزع حزن أسرنا وعوائلنا بين الأزقة والأحياء والشوارع كي لا يشعر بنا أحد ، دون عزاء ، عوض هذا الموت الموحد والمأتم الجماعي ،كنا نأمل أن توارى سوأة مسؤولينا ليغيب اللوم والعتاب ، ولم نود تعكير صفوهم، وهم يناقشون تفاصيل لوائح استحقاقات شتنبر وشطرنج التزكيات ، كنا نود لو ضللنا بعيدا عن لغة البيانات وبهتان الإعلام ، فأسفي فيها مايكفيها وزيادة، نحن من كنا نعشق الحياة لكن الموت وجد طريقه إلينا عنوة وسط عثمة الظلام وقلة ذات اليد ، ولكن أكثر ما يحز في أرواحنا المزهقة هو حسرتتا على مصير أبنائنا وبناتتا من بعدنا ، بعدما تركناهم دون وداع ،عفوا نحن كما يزعمون لم نمت اختناقا، كما تمنت مديرية جهة الصحة عندنا ، وحتى لم نشنق أنفسنا أبدا …، رحلنا في صمت لكنكم أنتم من أترتم الزوابع، رحلنا ليدفن معنا سر مدينة وئدت حية ، ولا تقل حسرتنا عمن تركناهم بين أحضان أسوار تتغنى بتاريخ مدينة تليد ومجد غابر ، والعيب كل العيب ليس سوى في تكالب الزمن وتوقف عقارب الساعة التي عطلت دواليب التنمية ودنست صباغة جناح كوفيد وأكسيسواراته الألومينيومية ، فكل ما يروج له في المواقع صحيح نصدقه إلا موتنا بجناح كوفيد فهو مجرد كذبة كبرى … نحن من كنا نتعايش مع الاختناق لسنوات خلت، حتى صدقنا أن أجهزتنا التنفسية الربانية قد اكتسبت مناعة ضد غازات الأوسيبي ومعها حتى احتراق فحم الطاقة الحرارية ، وضع تعايشنا معه صيف شتاء لعقود و سنوات ، وفي الكثير من الأحيان كنا نغضب ليتوارى غيضنا حينما يطمئنوننا بأننا لامانع عندنا أن نحترق لينتعش الاقتصاد الوطني ، ويزهو عنفواننا بكوننا قطب صناعي، نحن من أزهرت حدائق عواصم ومدن الجهة اتباعا بأموالنا، وعبدت الشوارع و بنيت المعاهد والجامعات والمستشفيات بإيراداتنا، وفي الكثير من الأحيان تركنا لأنفسنا يأكل منا القوي الضعيف ويغرر بنا كل ذي مال وجاه وسلطة وسياسة وحتى بشبابنا وشيبنا ، نحن من حصدنا العواصف بعدما زرعت بين ظهرانينا نسائم الرياح…نحن من صدقنا كذبة التضامن الصحي تحت يافطة الجهوية المعكوسة…فتهنا بين تراخيص تنقل كوفيد …
وفي الأخير ها قد رحلنا ولنا فيكم رجاء… الانتخابات على الأبواب …رجاء لا تبيعوا أصواتكم فأرواحنا ليست للبيع وهي أمانة في أعناقكم…فإن متنا حسرة فلا تتركوا أحبتنا يحيون قهرا و تتذوقون أنتم يوما من ذات كأس السم الزعاف…لاتجعلوا الشياطين يرقصون على قبورنا…والقردة تتبادل القهقهات…
خيرا وسلاما هذه آخر أحلام اليقظة أنقل لها لكم بصدق بعدما وقفت علي أرواح هؤلاء ولا أذكر عددهم بالضبط … والحاضر يبلغ الغائب …ولم أعد استوعب أنها أضغاث أحلام لكن هذا ما كتب في جنح الظلام …

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة