هل استغلال هذه المقالع استغلال مُوَاطِنٌ؟ *** مقالع الرمال: امتياز ومستفيد
هل يساهم بشكل أو بآخر في تنمية المنطقة أم أنها مجرد نهب؟ وهل سكان المنطقة يستفيدون بشكل من الأشكال من ثروة الرمال؟
إن استغلال الرمال بالمغرب ارتبط دائما بالمغرب بلفظ امتياز، وهي كلمة بسيطة في تركيبتها، سهلة في بنيتها، سهلة في نطقها، خفيفة في كتابتها لكنّها وخيمة جدا بخصوص نتائجها وانعكاساتها ومفعولها وتأثيراتها في الجسد المجتمعي بمدينة أسفي. خصوصا وأن الجميع أضحى الآن يعي حق الوعي أنه بفضل الامتيازات وبواسطتها امتد الفساد واستشرى وانتشر. وتشكلت لوبيات استأسدت على عباد الله وانتهكت حقوقهم. وأصحاب هذه الامتيازات بالذات هم الذين يواجهون بكل شدّة وشراسة أي تغيير فعلي من شأنه العصف بكل ما هو طفيلي. ولعل أبرز مثال في هذا الصدد، المقالع الرملية بجماعة لمعاشات بالصويرية القديمة بإقليم أسفي. إن هذه المقالع تشكل مصدر تدفق ملايين الدراهم على امتداد سنوات خلت وبدون مقابل مجدي لفائدة الصالح العام وبدون مساهمة فعلية مرئية وواضحة في تنمية الثروات المضافة العمومية المحلية. وإنما هي في واقع الأمر أرست قنوات وآليات لتهريب الثروات المضافة العمومية المحلية إلى بعض الجيوب المعدودة والمعلومة . بعدما توصلت الجريدة بمجموعة من النداءات من لدن ساكنة المنطقة يستنكرون ما أقدم عليه ناهبي الرمال سكان دوار ولاد الطاهر بجماعة المعاشات (اقليم اسفي)
فهناك مقالع بإقليم أسفي تذر الملايين على عائلة واحدة لا علاقة لها بها ، في حين أن البطالة ضاربة أطنابها في صفوف الشباب بالإقليم، المتعلم والمتكوّن منهم وغير المتعلم. وفي وقت يعرف فيه إقليم أسفي أضعف نسب للتغطية الصحية وأقوى نسبة في الأمية. فهل يعقل والحالة هاته أن يدلس أصحاب هذا الامتياز ليتهربوا من أداء الأتاوات الهزيلة التي لا تكاد تبين مقارنة بما يمررونه إلى جيوبهم؟ وهل يعقل أن يجني هؤلاء الملايين ويمتنعون عن تسليم سنتيمات للدولة أو للجماعة أو الفاهم يفهم ….؟ وعلاوة على هذا فإنهم يستحوذون على ملايين على حساب المنطقة وسكانها ولا يستثمرون بها سنتيما واحدا. علما أن مقالع الرمال، بجانب قطاع الفلاحة، شكلت أحد المجالات بأسفي، التي نشطت فيها وبشكل حيوي بعض الشخصيات السياسية بفعل الاستفادة من الامتيازات التي كانت سهلة المنال بالنسبة إليهم. وهذا جعل النخبة السياسية صاحبة الامتياز في هذا المجال عموما، استفادت أكثر من غيرها من هذا الوضع.
نهب وأضرار بامتياز
هناك نهب للرمال بمنطقة الصويرية القديمة إقليم أسفي هذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد. إنها بمثابة تحصيل حاصل. و هو نهب مسبوق بلغت درجة خطورته حد اتلاف البيئة وإلحاق الضرر بها وبتوازناتها. وبخصوص مقالع الرمال بمنطقة الصويرية القديمة بعدما تداخل العامل السياسي وعامل خرق القانون لتعميق الإشكال الايكولوجي بالمنطقة ولا من يحرك ساكنا .
آلاف الأمتار المكعبة تقتلع يوميا دون أي اكتراث بالاختلالات البيئية التي تحدثها. هذا علما أن استفادة المنطقة من هذه الثروات لا تكاد تبين، وتظل حكرا على حفنة من الأشخاص الذين ظلوا يجنون الملايين بدون أي مساهمة من طرفهم في تنمية المنطقة بأي شكل من الأشكال، بل أكثر من هذا يجتهدون اجتهادا للتهرب من أداء الإتاوات الهزيلة أصلا ويبتكرون أساليب، ظاهرة ومستترة لإخفاء كميات الرمال المقتلعة والتصريح بكميات قليلة طمعا في السطو على جزء مهم من الإتاوات الواجب أدائها رغم هزالتها أصلا.
طرق استغلال تنتج النهب وتحرم ذوي الحقوق
إن اقتلاع الرمال يخضع لطرق أو قواعد تنظيمية محددة مسبقا وملزمة للمستغلين. إن الرمال تقتلع بحاملات وتوضع في الشاحنات وفي أغلب الأحيان، فإن سائقي الشاحنات هم الذين يفرضون مكان اقتلاع الرمال بالمقلع.
وفي هذا الصدد يتبين أن المقالع تخضع لكل ما يطلبه سائقو الشاحنات (مقتنو الرمال). إن شحن الرمال يتم بواسطة شاحنات ذات حمولة مابين 6 و30 مترا مكعبا، يُعيّن السائق المكان فتشرع الحاملات في تحميل الشاحنة حتى تفيض حسب مزاج السائق. وبتمحيص طرق الاستغلال يتبيّن غياب ضبط الكميات المحملة،
المساءلة والتساؤلات
فيما يخص المساءلة لم يسبق أن سمعنا يوم من الأيام أن أحد المستفيدين من امتياز المقالع تعرض للمساءلة بخصوص الخروقات وما أكثرها ويعاينها الجميع في واضحة النهار. ولم نسمع على المساءلة حتى في حالة استمرار الاستغلال بعد نهاية مدّة الصلاحية. وربما أصحاب الامتياز هم فوق المساءلة مهما كان الأمر. هناك جملة من التساؤلات تداولها الرأي العام منذ مدّة. ومنها، ما هي الدوافع الحقيقية الكامنة وراء السكوت على هذا النهب؟ وما هو المانع من توقيف هذا النزيف وإعادة النظر في التعامل مع هذه الإشكالية بتصور ونهج يخدمان المصلحة العامة أوّلا قبل خدمة المصلحة الذاتية الضيقة؟ وهل المقالع تساهم في إنتاج ثروات مضافة تستفيد منها المنظقة وساكنتها؟ وهل استغلال امتياز المقالع الرملية بجماعة لمعاشات بالصويرية القديمة إقليم أسفي يتعتبر استغلالا مواطنا؟ ومتى ستتحول المقالع من مصدر قلق وإتلاف ونهب إلى مصدر من مصادر تنمية الثروات المضافة قصد دعم التنمية المحلية المستدامة؟ هذه عينة من الأسئلة التي مازالت تشغل الرأي العام المحلي. ومهما يكن من أمرقد يكفي القول أن المستفيدين من المقالع يجنون الملايين وينكصون عن أداء دراهم معدودة للدولة أو للجماعات. يلهفون الكثير ويتهربون عن أداء القليل الذي لا يكاد يبين باستعمال التزوير والتدليس وعدم المبالاة.
فهؤلاء يجنون الملايين والمنطقة وأبناؤها يحصدون تدهور البيئة واختلال التوازن البيئي. هذا كل ما يستفيده أبناء المنطقة والإقليم من ثروة تسمى الرمال إلى إشعار آخر.
خلاصة القول
إن المقالع الرملية بجماعة لمعاشات الصويرية القديمة إقليم أسفي ارتبطت عضويا باقتصاد الريع وتكريس سلطة تدبير الامتيازات وتشجيع وإثراء الغرباء عن المنطقة على حساب أبنائها وعلى حساب تنميتها وعلى حساب حاضر شبابها ومستقبل أطفالها. وباعتبار أن استغلال المقالع الرملية بالمنطقة ارتبط بالمواقع والنفوذ، فإن نهج تدبير هذا القطاع ساهم بشكل أو بآخر في استشراء الفساد عندما تقوت وتراكمت مصالح تشكلت معها لوبيات لحمايتها، وبعض اللوبيات استأسد وتنمّر في مواجهة سيرورة التغيير المأمول، مادام أي تغيير من شأنه العصف بكل ما هو طفيلي. ولازالت المقالع الرملية بأسفي تتعرض للنهب في ظل غياب المراقبة والمساءلة وصمت المسؤولين.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=15044
عذراً التعليقات مغلقة