مـــــيــــرانــــي الـــنــــاجــــي *** وهــاهـي الأيـام مـرت بــســرعــة كـالــبــريــق ، حــمــلــتــنــي عــلــى ظــهــرهــا كــدخـان الـحــريــق ، هـل أنــا مـــجـــذوب أم مـســكــون ، أم فُــطِــرْتُ عـلـى الـكـرة كـالـمـجــنـون ، هـل أنــا حـقــا هَــيُــولَـى مـشـفّــرة ، أم شـظـايـا مـكـســرة ، أم نــسـغُ الـصــورة ، أم غــيـمةٌ مــنــثـورة ؟ ..
تــبــا لــك أيــتــهـــا الــســاحــرة ، قــد تــمــوت الأشــيـاء ولا تــمــوت الـذاكــرة ، كــل الأمــكــنـة تــعــرف أنــك أنـت الــديـكــتــاتــورة ، وأنــا صـــهـــيــل الـــجـــنــون فـوق صـــهــوة الأســـطــورة ..
أنـا الـسي ” عـبـد الـتـادر ” أنــا ، هـكـذا اشـتـهــرت فـي سـبـعــيـنـيـات الــقــرن الـمـاضـي بـأسفــي ، طــيــف شـارد ، مـديـد كـالـشـاهــد ، جــســدي خــرطــوشــة رصـاصــة ، ورأسـي إجـاصـة ، كــل أحـــيــاء أســفـي تــعــرفــنـي بــلا مــنــازع ، جــامــعــة كــرويــة تــمــشــي فــي الــشــارع ، ظــلّــي فـي حــي الــجـريــفـات سـجّــادة ، وفـي رحـــات الـريــح قــلادة ، والــبــاقـي أخـــذه تــراب الـصــيــنــي بــلا زيــادة ..
كــنــت جَــمَّـاعَــةٌ مَـــنَّـاعَــة ، لــم يــكــن وقــتــهــا عـالـمـكـم قــريــة صـغــيــرة ، ولا ” بــيـن ســبــور ” ولا جــزيــرة ، كــنــت أنـا الـمذيـاع بــالإجـمــاع ، غــيــور عــلــى اتــحـــاد أســـفــي حــتــى الـنــخــاع ، خـــبـــيــر فـي الــتــحـالــيــل ، حــريـص عــلـى كــل الــتــفــاصــيــل ..
تــقــول الــحــكــايـة ذات يــوم ، وأنـا الـعــائــد مــن عــالــم الـغــيــب ، كـان الــصــغــيــر ” عــبــد الـقــادر ” يــلـعــب مـع أقــرانـه ، وفــجــأة أغــضـب بـشـغــبـه جــنـيّـاً داخـل بـالوعـة مـســكـونـة عـلى رصـيـف الـدرب ، فــحـوّلـه إلـى مـشـروع مــيــت ، كــفَّــنـوا الــصـغــيــر ، ثــم حـمــلـوه إلــى مــثـواه الأخـيــر ، وفـجـأة وهــو فـي الـطــريـق ، هــب بـكــفــنــه مــن ظــلام الــغــيــبــوبــة ، وفــر المُــشــيِّــعُـــون مــذهــولــيــن حــيــارى ، ومـنـذ ذلـك الـــحــيــن ، تـــحـــوّل الــرجــل إلــى هـــيــكــل عـــظـــمــي بــلا أحــشــاء ، وانـحــرف حــرف اســمـه مـن الــقـاف إلــى الــتــاء ، ثــم زاغـــت بــاقــي حـــروف لــســانـه عــن حــالــهــا ، وأضــحـــى الــســـي ” عــبــد الــتــادر ” فــاكـهــة للـــتــنـــدر ..
تـقــول الـحــكــايــة مــرة أخــرى ، كــان الــســي ” عــبــد الــتــادر ” ، بــمــنـــحــدر زنــقــة الــكــانــونـي ، مــمــتــطــيـا دراجـة هــوائــيـة بــلا مــكــابــح وخــوفــا مــن أن يــصــدم أحــدا بــطــفــطــفــتــه ، كــان يـــصــيــح وســط رحــات الــريــح ، بــتـأتــئــتــه الــجـــمــيــلــة ، ” وبَــلاَتُــوا أَولاد الــسِّــي الَــحْــتِــيــمْ را الَــفْــرَانْ مْــتَــتَّــعْ ” ..
حــكــايــات ونــوادر كــثــيــرة رافــقــت هــذا الــطــيــف الــســاحــر ، بــجــســـمــه الــنــحــيــل ، وزمــنــه الــجــمــيــل ، وســتــبــقــى صــورتــه هــامــشــا لـمــرحــلــة عــابــرة ، وخــيــالا فــي الــذاكــرة ..
ومـهــمــا زحــف الــزمــن بـجــنــونــه الــمــاكــر ، فــلـن يــسـتــطــيـع مـــحــو ظـــلال هــذه الــصــورة ، صــورة رجــل عــاش بــيــنــنــا مــحــبــوبـا ، وكــأنـــه خـيـال وأســـطــورة ..
مــــــيــــرانــــي الــــنــــاجــــي
ســــلا فـــي 06/04/2022
المصدر : https://www.safinow.com/?p=15949
عذراً التعليقات مغلقة