حسن البصري *** يعيش المشهد الكروي المغربي النسائي نشاطا غير مسبوق، فكثير من الفرق النسائية “المستعملة” معروضة للبيع، الرجال ليسوا قوامين على النساء في ملاعب الكرة.
تهافت رؤساء الفرق الكبرى على اقتناء لاعبات جاهزات، ليس لسواد عيونهن، بل لأن الكرة النسائية “فرض عين”، إذ لا يصبح الفريق الرجالي كامل الأوصاف إلا إذا كان له توأم نسائي. شكرا للفيفا لأنها تقدم المعنى الحقيقي للمساواة.
بالأمس كان الفريق النسائي مجرد “خضرة فوق طعام” واليوم بفضل قوانين الفيفا، أصبحت وجبة رئيسية في البطولة، ففتحت الأسواق وعرضت للبيع أفضل اللاعبات. اليوم يمكنك عند شراء فريق أن تربح ممرضة وجهازا لشحن الكرات ومشجعات بالمجان.
بحث سعيد الناصري رئيس الوداد الرياضي، عن فريق نسائي جاهز للمنافسة، فاهتدي لفتيات نسيم سيدي مومن، وأعفى نفسه من وجع تكوين اللاعبات. وحين تمت عملية الاندماج وقرأ الحاضرون الفاتحة وباركوا الارتباط، تبين أن نسيم سيدي مومن لم يبع كل فتياته للوداد، فعلى صفحته الرسمية دعوة مفتوحة للفتيات الراغبات في الانضمام لهذا الفريق.
أما الرجاء البيضاوي فقد قطع أشواطا كبيرة في مفاوضات شراء فريق أطلس 05 من الفقيه بن صالح، واختار منطقة بني عمير المعروفة بسلالتها الكروية الجيدة، ابشروا إذن بديربي بيضاوي يشد إليه الرحال مشجعات من الفقيه بن صالح ومن تارودانت.
حين التهبت أسعار بيع الفرق لجأ رئيس فريق نسائي إلى موقع “أفيتو” فعرض نصف فريق للبيع، بينما اختارت رئيسة النادي الرياضي النسوي بأسا الزاك، الفضاء الأزرق، لعرض فريقها للبيع بداعي ضعف الإمكانيات المالية. وقالت رئيسة الفريق البتول التامك إيدا، إن فريقها يبحث عن محتضن، وأن اللجوء لخيار بيع الفريق، رسالة لمن يهمه الأمر.
هناك جدل قانوني في سوق بيع وشراء وكراء لاعبات كرة القدم، البعض يعتبره إدماجا والبعض يصنفه في خانة الانصهار، لكن مهما تعددت الأسماء فالمصير واحد، حيث تساق اللاعبات إلى مصيرهن الجديد بقرار من الوصي عليهن. لقد ولى زمن العلاقة الوجدانية بين النادي وجماهيره فأصبح كل شيء قابلا للبيع أو الكراء.
هناك أيضا محاولات انصهار سابقة في المشهد الكروي النسائي، أغلبها مرت بسلام، حيث ابتلع شباب المحمدية جاره الحسنية، واندمجت شابات تطوان مع المغرب التطواني، والتهمت سبورتينغ سباتة فتيات ابن امسيك، وهناك محاولات أخرى في طور التفاوض. علما أن محاولة اندماج الآفاق الخنيفري لكرة القدم النسائية مع نهضة بركان لم تكتمل.
قبل سنوات قليلة كان للوداد فريق نسائي كامل الأوصاف، قبل أن يقرر سعيد الناصري ذات مساء، “تفريق الجوقة” على حد تعبيره، وقف المدرب يلقي خطبة الوداع في ملعب بن جلون، ويكفكف دموع اللاعبات، بدا وكأن وراء القرار أمر جلل، لكن المسؤولين فضلوا طلاقا بالتراضي وسرحوا اللاعبات فانشرن في أرض الله الواسعة.
أما الرجاء فقرر تسريح لاعباته حين لم يعد من ورائهن رجاء، كان الفريق الذكوري في واد والفريق النسائي في واد، قبل أن يتحول النسر إلى غراب.
في نهاية التسعينات بدأت الإرهاصات الأولى لبطولة نسائية، حملت سميرة الزاولي وبوليد وولد عربية وإفقيرن وسلاك والعبدي وغليظة وهندي وغيرهم من الرواد همومها الكبيرة. وكانت المغنية الشعبية زينة الداودية نجمة في ملاعب سيدي عثمان، قبل أن تصرف النظر عن الكرة وترتمي في حضن “السواكن”.
أمام تألق المنتخب النسائي المغربي، أصبح الإقبال على اللعبة كبيرا، إلا أنه وفي ظل عرض يفوق الطلب، اهتدى بعض المتاجرين في أعراض الكرة إلى إنشاء فرق وتسمينها قبل بيعها بأسعار تفضيلية مع ضمان خدمة ما بعد البيع لمدة عامين.
لا نملك إلا أن نبارك هذا التهافت، وأن نقبل بصخب سوق قيل “إنه مطيار” والعهدة على سيدي عبد الرحمن المجذوب.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=16479
عذراً التعليقات مغلقة