محمد عصام يكتب: الفرحة مستحقة.. ولكن ” ديروا النية نتوما معانا”

محمد عصام يكتب: الفرحة مستحقة.. ولكن ” ديروا النية نتوما معانا”

-أسفي الأن
رياضة
-أسفي الأن11 ديسمبر 2022آخر تحديث : الأحد 11 ديسمبر 2022 - 5:33 مساءً
4566 - عبر المغاربة ومعهم كل الشعوب العربية والإفريقية عن فرحتهم بفوز المنتخب المغربي على نظيره الإسباني، وتأهله إلى دور الربع من بطولة كأس العالم المقامة حاليا في قطر، كأول فريق عربي يحقق هذا الإنجاز التاريخي، وامتلأت شوارع المملكة بمظاهر الفرح المستحقة والمعبر عنها بكل الأشكال التلقائية والصادقة، والتي تحمل رسالة واحدة أن هذا الشعب الأصيل يستحق لحظة فرح ولو عابرة، وأنه متعطش لمثل هذه اللحظات ليعبر عن وطنيته وحبه لوطنه ورموزه، وأن هذا الحب متدفق وأصيل فيه ولا يحتاج إلا لمن يبدع أدوات تفجيره في الاتجاه الصحيح، وهو ما فعلته كتيبة وليد الركراكي بكل جدارة واستحقاق.
لكن هذه الفرحة رغم كل ما قلناه سابقا، لا يجب أن تنسينا فيما نحن فيه من شظف وأزمة، جراء تقاعس حكومتنا الموقرة بل تواطئها مع شركات المحروقات، التي ألهبت الأسعار في كل المجالات، واكتفائها بالتفرج على المغاربة وهم يكتوون بلهيب الارتفاعات الجنونية في كل الأسعار وبدون استثناء.
وليد الركراكي ومنذ مدة كشف عن سر وصفته التي صنعت الفرحة والانتصارات، وقال “ديروا معنا النية”، وثبت بالفعل والملموس أن مفتاح النجاح هو في “النية”، وبمعنى آخر في الصدق والتجرد اللذان يخلقان الفارق، عبر ما يضخانه من منسوب التضحية والإقدام والوفاء والاستماتة في أداء الواجب.
فهل يصدِّق أحد أن حكومتنا الموقرة لها رصيد من هذه “النية” بهذا المعنى؟
لا أظن ذلك، يكفي أن كل المغاربة يعرفون أن رئيسة الحكومة عزيز أخنوش هو الفاعل الأول في مجال المحروقات، وأن رصيده من الثروة تضاعف في عز الأزمة التي اكتوى بها المغاربة، وأنه لم يقم من جهته وبصفته تلك بأي إجراء أو تضحية في صالح المواطنين ولو بخفض هامش ربحه التي تفاحش بشكل وغير أخلاقي كما تقول كل التقارير ذات الصلة، في حين أن شركة مثل طوطال الفرنسية وبشكل إرادي خفضت أرباحها مرتين لكل تخفف على المواطن الفرنسي حدة ارتفاع الأسعار، ومن مكر التاريخ أن الشركة ذاتها حققت هذه السنة أرباحا كبيرة في المغرب لم تحققها في بلدها الأصلي فرنسا.
من سيصدق أن هذه الحكومة لديها مثقال ذرة من “النية ” التي تحدث عنها المبدع الركراكي، وهي التي لم يقم رئيسها بصفته الحكومية بأي إجراء للضغط على شركات المحروقات لعلها “تحشم” وتعود على جادة الصواب و”المعقول”، ألم يسمع أخنوش ومن معه بأن بايدن رئيس أكبر دولة في العالم والنموذج الأعلى لليبرالية في كل التاريخ، هدد شركات المحروقات وتوعدها بإجراءات شديدة في حال استمرارها في استغلال الوضعية الحالية في مراكمة الأرباح والتي سماها بدوره بأنها فاحشة؟
من سيصدق هذه الحكومة التي ولدت بداء عضال اسمه “تضارب المصالح”، أنها يمكن أن تشتغل بـــــــــــ “النيـــــــــــــــة”، وهي في قانون مالية 2023، رفضت بشكل مطلق رفع الضريبة على شركات المحروقات إلى 40 في المائة كما فعلت مع بنك المغرب وشركات التأمين والاتصالات، رغم أن كل التقارير أجمعت على أن هذا القطاع يراكم أرباحا فاحشة لا يمكن السكوت عنها، وأن أي محاولة للتغاضي عن ذلك يدخل أصحابه وعلى رأسهم حكومتنا الموقرة تحت طائلة تهمة التواطؤ على تفقير الشعب وإذلاله.
لكل ما سبق وإلى أن تشم هذه الحكومة رائحة “النية” وتعرف لها طريقا، وهذا للأسف محال، فمن ولد بالطريقة التي يعرفها الجميع في 8 شتنبر، من الصعب أن تتوقع معه بصيصا من “النية” ففاقد الشيء لا يعطيه، لكل هذا نذكر الشعب المغربي أن كرة القدم في النهاية مجرد لعبة، الفرحة فيها تحمل معاني جميلة ولكنها للأسف عابرة، ولهذا أجد نفسي مضطرا للاستشهاد بما قاله يورغن كلوب مدرب نادي ليفربول في كلمة ألقاها عقب تتويجه بلقب أحسن مدرب في العلم السنة الماضية: ” كرة القدم مجرد لعبة يستمتع بها الناس نهاية الأسبوع ..لاشيء يمكن أن تضيفه غير هذا..لن تحل مشاكل الفقراء واللاجئين .. لن توقف حروبا ولن تأتي يالديمقراطية ..نتلقى أمولا طائلة لننسي الناس في همومهم وتعاستهم لتسعين دقيقة..ندفعهم ليصرخوا ويهنفوا حتى يهدأوا وينفسوا عن جوفهم المضطرب..فقط نؤدي وظيفتنا.. وعلى الناس العودة لحياتهم بمجرد سماع صافرة الحكم.. فالحياة لا تتوقف على كرة جلدية مدورة..”، وهذا بالضبط ما يجب أن لا تنسينا فيه هذه اللحظة العابرة، وكما يقول المثل المغرب “ما حس بالمزود غير المخبوط بيه”
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة