فمنذ مطلع سنة 2022، التي تشارف على نهايتها، تنفس الفاعلون في المجال الثقافي والفني، من مختلف المشارب والآفاق، الصعداء بعودة أغلبية المهرجانات والفعاليات، التي كانت لا تخلف موعدها مع جمهور متعطش لهذه الأنشطة، وهي التي تساهم في إشعاع وتفرد هذه الجهة المعروفة بصيتها في الحقل الإبداعي بكل تجلياته وتمظهراته، بفضل توفرها على بنيات تحتية من الطراز الرفيع، واختزانها لإرث وتراث حضاري عريق.
وتميز استئناف تنظيم التظاهرات الثقافية والفنية على صعيد جهة مراكش- آسفي، بمشاركة متميزة لفنانين مغاربة ونجوم عالميين، وحضور جماهيري كبير، الذي كان، سواء بالمدينة الحمراء أو في باقي مدن الجهة، على موعد مع نجومه المفضلين في السينما والموسيقى والمعارض الفنية والمهرجانات الشعبية، وغيرها.
وكان من أبرز مظاهر هذه العودة هو (المهرجان الدولي للفيلم بمراكش)، في دورته الـ 19 التي أقيمت من 11 إلى 19 نونبر، بعد غياب لمدة سنتين، حيث جمع سحر السينما الجميع من جديد.
وجرت هذه الدورة من المهرجان، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في أجواء احتفالية كبيرة طبعت عودة المهرجان، وذلك في تكريس لدور السينما في إشاعة الفرح والأمل وتعزيز قيم التلاقي والتلاقح والحوار بين المجتمعات والثقافات.
وجريا على عادتهم، حرص منظمو المهرجان الدولي للفيلم بمراكش هذه السنة، على تقريب الجمهور من الإنتاج السينمائي الوطني والدولي، ونجومه المغاربة والعالميين من خلال التجربة الفريدة المتمثلة في عرض أفلام في الهواء الطلق بساحة (جامع الفنا) الشهيرة، على شاشة ضخمة تتيح مشاهدة مثلى للزوار.
ولم يكن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الحدث الثقافي الوحيد على مستوى الجهة عموما، والمدينة الحمراء على الخصوص، بل كان الجمهور، أيضا، على موعد مع الدورة الـ 51 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي أقيم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وشهد استعراضا جماعيا غنيا بالألوان لفرق فلكلورية، وعرف مشاركة 600 فنان ينتمون لـ 34 فرقة من المغرب وخارجه.
ونظمت هذه الدورة في أجواء احتفالية وبهيجة، انطلقت من ساحة الحارثي باتجاه قصر البديع التاريخي، الذي احتضن العرض الرئيسي للمهرجان، بحضور جمهور غفير تواق للأنشطة الثقافية بالمدينة الحمراء.
وفي إطار الدينامية الثقافية، التي عرفتها المدينة، تم تنظيم الدورة الـ 11 لمهرجان “سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية”.
وتميزت هذه الدورة بتنظيم أمسيات للسماع، أحيتها مجموعات سماعية وطربية أندلسية وطنية، ومجالس طرب الآلة وعروض في فنون الرواية والحكي، أحياها رواد الحلقة بساحة جامع الفناء، وتلامذة مدرسة مراكش للحكي.
وكان للشعر نصيبه من الأنشطة الثقافية بالجهة بتنظيم دار الشعر بمراكش، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلال الفترة ما بين 11 و13 نونبر، فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشعر المغربي، هذه التظاهرة التي تندرج في إطار مواصلة الاحتفاء بالتنوع الثقافي المغربي، والتي شهدت، أيضا، تتويج الفائزين في مسابقتي أحسن قصيدة والنقد الشعري للشعراء والنقاد والباحثين الشباب.
كما عرفت المدينة الحمراء، تنظيم الدورة الأولى لمهرجان مراكش للكتاب الإنجليزي، التي كانت مقررة سلفا لكن الظروف المرتبطة بكوفيد – 19 أجلتها إلى هذه السنة. وعرفت هذه الدورة مشاركة أدباء مغاربة يؤلفون بالإنجليزية أو ترجمت أعمالهم إلى هذه اللغة، بالإضافة إلى عدد من الأدباء والكتاب والمفكرين الأجانب من الفضاء اللغوي الأنغلوفوني.
وامتدت الفعاليات الثقافية، خلال هذه السنة، إلى مدينة آسفي حيث كان الجمهور المسفيوي على موعد مع فعاليات الدورة الـ 21 للمهرجان الوطني لفن العيطة، الذي جمع بين الجوانب الفرجوية والأكاديمية، واحتفى بمكون محوري من مكونات الثقافة الشفهية المغربية.
ولم يشكل إقليم شيشاوة استثناء في هذه الدينامية الثقافية التي شهدتها الجهة، خلال سنة 2022، حيث احتضنت مدينة إمنتانوت مهرجانها الوطني، الذي جدد الوصل مع جمهور متلهف لعروض ثقافية حالت الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا دون تنظيمها لسنتين.
واحتفت هذه التظاهرة الفنية والثقافية، بمختلف الأصناف الفنية، كما استجابت لشتى الأذواق الموسيقية، وعرفت مشاركة ألمع نجوم الأغنية المغربية بكل روافدها، الأمازيغية منها والحسانية، إضافة إلى ألوانها الشعبية وموسيقى الراي.
ونالت مدينة قلعة السراغنة نصيبها من الفعاليات الثقافية حيث جرى تنظيم الدورة الأولى للمهرجان الجهوي للفنون الشعبية، الذي جدد الوصل مع التراث الغني، الذي يساهم في التنمية المحلية، وتعزيز جاذبية المنطقة.
وكان الجمهور الغفير خلال هذه التظاهرة على موعد مع الحضرة الرحالية التي تنحدر من منطقة زمران، ومجموعات ولاد الحوز الكرار، واعبيدات الرما سربة السراغنة، ولعابات شعيبية.
ومن بين التظاهرات الثقافية التي نظمت بالجهة، هناك مهرجان ابن جرير للسينما في دورته الثامنة، الذي انعقد تحت شعار “السينما والتعلم مدى الحياة”، بحضور ثلة من الفنانين والمفكرين وعشاق الفن السابع.
وعاد هذا المهرجان بعد سنتين من التوقف بسبب الجائحة، بفضل تضافر جهود العديد من الجهات التي تؤمن بالفعل الثقافي.
ويمني عاشق الثقافة والفن، وكذا الفاعلون الثقافيون بجهة مراكش – آسفي، النفس بأن تتعزز هذه الدينامية أكثر، كيف لا وهي التي تساهم بقسط وافر ليس فقط في إشعاعها، بل وحتى في النهوض بها، وذلك من خلال الترويج لها.
إعداد: محمد أوعزيز (و.م.ع)
المصدر : https://www.safinow.com/?p=17053
عذراً التعليقات مغلقة