تعود إلى عالم المواعيد والكلمات المحنطة. تتحدث إلى موظفة شاحبة، غير مهتمة وكئيبة لدرجة قاسية. يموت شيء منك في هذه اللخظة. ثم تبكي الأشجار والجدران. وتتكلس الذكريات بداخلك.
ساعة. ساعتان.
فجأة تنتبه اليك سيدة طويلة شاردة، ترتدي لباسا كأنها خرجت للتو من حفل عائلي.تخبرك ان الطبيب مشغول. وأنه يمكنك الانتظار او الدهاب او شيءاخر يخطر ببالك. تفكر انها قد تكون ممرضة او مساعدة..!!
تلتفت في كل الجهات. جدران وسخة ووجوه ذابلة. ونشيد للموت.
تطرق الباب بأدب وخجل وكثير من الشعور بالاذلال. مازال يتحدثان ويضحكان. طبيب قصير باسنان حادة مخيفة وآخر بلحية ونظارات وساعة فاخرة .
يرمق الأوراق بسرعة. يعلق على حوار زميله. يبتسم في هذه اللحظة يبدو شخصا رائعا ودودا بشكل لا يصدق.
يضرب لك موعدا بالعودة في الغد في مكان اخر، قبالة المستشفى الوسخ الكئيب، دونما مزيد من التفاصيل. يبتسم ويقدم لك ملف الأوراق. يلتف إلى زميله البدين، يبتسمان. تخرج انت حاسر الرأس منهوكا بلا نوم بلا اكل، بلا روح.
في اليوم الموالي، تدخل العيادة الخاصة ينظر إلى الطفلة الصغيرة، يداعبها، ينظر إلى الأوراق. ثم يسالك عن مهنتك ونوع التأمين. يبدأ بالحديث عن دراسته وفرنسا وخدمات العيادة الجديدة الباردة. يحرر ورقة للتحاليل في مختبر ستعرف ان زوجته هي من تتكلف به وتديره، في زاوية شارع بقرب حانة ووكالة سفر، وإدارة ايلة للسقوط.
تنزل الادراج بصحبة الطفلة والعرق والخنوع، ومئات الأسئلة الحادة، تدخل يدك إلى جيبك، تبتسم الشابة موظفة الاستقبال بوجهها البريء الصغير، تفكر في بيتها البعيد خارج المدينة وجسمها المتهالك النحيف وارتباكها والخوف الذي يشع من عينيها
تمنحها ذلك المبلغ القاتل وتخرج مستسلما للطريق وابواق السيارات ، وجحافل المرضى في الجانب الآخر من المستشفى العام، والسيدة المتشردة رفقة طفليها العاريين في الخلاء الواسع أسفل اللوحة الاشهارية الضخمة..
المصدر : https://www.safinow.com/?p=17108
عذراً التعليقات مغلقة