رئيس المكتب التنفيذي للمرصد المغربي لحقوق الإنسان.
يتابع الرأي العام بأسفي بأسف كبير، ومعه المرصد المغربي لحقوق الإنسان بتوجس بالغ السجال العقيم، والمزايدات البئيسة التي باتت توصم بها أشغال دورات المجلس الجماعي بأسفي، حيث أضحى منطق “اللامنطق” هو المهيمن، وبات شعار “للي علا صوتو، الله يعلي شانو” هو المسيطر، بعدما ألف العديد ممن فرضوا سطوتهم على رقاب مواطني/ات حاضرة المحيط -بفعل شراء الذمم في انتخابات شهدت خروقات جمة- اعتماد لغة “الديكة/الصياح” عوض لغة الإنصات للآخر والحوار وفق الاحترام المتبادل مع استحضار المصلحة الفضلى للمواطنين/ات، وهو السلوك -الصياح- الذي ينم عن فقر فكري، وعوز أخلاقي، واضمحلال في الفهم الحقيقي لآليات تدبير الخلاف في إطار احترام القانون، وقبل ذلك، في إطار احترام ذكاء المواطنين/ات ونباهتهم، والذين لن تنطلي عليهم هكذا حيل رخيصة وسلوكيات لا تتواءم والذوق العام، معلومة أهدافها للقاصي قبل الداني، إذ أهل مكة أعلم بشعابها، فالجميع أضحى على اطلاع بما يروج في دهاليز سياسة البحث عن آليات استنزاف المال العام، وكواليس مراوغة أعتى قضاة الافتحاص بفعل تمترسهم وتمرسهم على آليات الفساد والإفساد دونما أثر ولا دليل، والأمثلة متعددة لا حصر لها، إذ يكفي استحضار مثال كيف أن تقريرا للمجلس الجهوي للحسابات يؤكد أن تجزئة سكنية شاسعة تعد ساكنتها بالآلاف، محرومة من العديد من المرافق الواجب توفرها في أي دفتر تحملات كشروط ضرورية من أجل المصادقة عليه، حيث تم بتر تشييد دائرة أمنية، دار الشباب، مستوصف، 52 منطقة خضراء، 04 مساجد… وتم بالمقابل إضافة 470 بقعة لم تكن مضمنة ضمن تصميم التجزئة الأصلي، والأنكى من ذلك، أن قضاة المجلس الجهوي للحسابات لما وضعوا أيديهم على هكذا ملف حارق تشوبه خروقات بالجملة، لم يجدوا أية وثيقة لدى مجلس الجماعة آنذاك، بعدما تخلص المستثمر المسؤول بالجماعة نفسها من كل ما يمكن أن يدينه، بما في ذلك محاضر اللجن، بل وحتى لما تم عرض الملف على الجهات المختصة تم حفظه حفاظا على المصالح العليا لمن يتقنون شعار (نفسي، ولابأس أن يحرق الوطن من بعدي).
طبعا، مناسبة استحضار مثال الإفلات من العقاب وغيره كثير في إقليم يزخر بخيرات عظمى، وتعيش نسبة هامة من ساكنته تحت عتبة الفقر، وبالرجوع إلى الوضع الشاذ الذي يشهده المجلس الحالي لجماعة أسفي، والذي بات مؤكدا أن العديد من عضواته وأعضائه -خاصة منهم من يزاوج بين لغة المال وتدبير الشأن العام- آخر انشغالاتهم هي التفكير في مصلحة المواطنين وتيسير استفادتهم من أبسط الخدمات التي يتعين عليهم الاضطلاع بها، فقط لكون نصيب استفادتهم من كعكة المشاريع المبرمجة، أو الإشراف والمواكبة المباشرة لأخرى تخول لهم ابتزاز المقاولين بجعل رقابهم تحت رحمة مقصلاتهم… تبقى دون تحقيق أفق تطلعاتهم وطموحهم في مراكمة المزيد من ثروات مشبوهة مصادرها.
حاليا، استفحل الوضع المحلي بأسفي، بفعل محاولات استبلاد ساكنتها بخطابات جوفاء كاذبة لم تعد تجدي نفعا، وبآليات استغلال وتوظيف أقلام تكتب تحت الطلب؛ تناصر هذا، وتهاجم ذاك ابتزازا لا غيرة على حاضرة المحيط، ومجتمع مدني أضحى جله مجمعا على مناصرة من يضمن له المزيد من فتات الريع… إنه وضع بات معه المواطن يائسا من إمكانية تحقيق أي إقلاع تنموي منشود في الأفق القريب، خاصة مع دكاكين حزبية نفضت أيديها من مهمة التأطير واعتماد تواصل القرب، تلك الدكاكين التي فقدت بوصلتها السياسية بعدما بتنا نلحظ توافقات وتحالفات غير منطقية بين أحزاب لا تربط بينها أية قواسم مشتركة من حيث المرجعية الأيديولوجية، بل الأنكى من ذلك، أنه داخل الحزب نفسه نجد بعض مستشاريه يلوك لسانه لغة الأغلبية، وبعضه الآخر متمترس مع المعارضة، وطبعا عندما نتحدث عن الأغلبية والمعارضة في ظل هذا التشرذم غير المسبوق على مستوى البنية التمثيلية للمجلس الجماعي لأسفي، فلا يعدو المقصود منهما سوى؛ من مع مصلحته الخاصة، ومن ضد الصالح العام الذي هو آخر انشغالات ممثلي ساكنتنا غير المحترمين -مع استثناءات قليلة جدا- مما يقتضي معه الواجب النضالي إيقاف هذا النزيف بجميع الطرق القانونية المشروعة.
وفي هذا الإطار، فإن المرصد المغربي لحقوق الإنسان، وقبل أن يدعو الساكنة إلى اعتماد لغة النزول إلى الشارع لاحقا -إن استمر الوضع كما هو، ولم تتحل الهيئة “المنتخبة” بالمواطنة الحقة، جاعلة أولى أولوياتها المصلحة الفضلى للمواطن والمدينة- فإنه يعكف حاليا -وبتنسيق مع العديد من نخبة وشرفاء وحكماء أسفي- على تجميع معطيات ذات الصلة بتجاوزات تدبيرية، واستغلال النفوذ للإثراء غير المشروع، … وغيرها من الخروقات التي قد ترقى خطورتها إلى حد متابعة مقترفيها وفق فصول جنائية، من أجل وضعها لدى الجهات القضائية المختصة، وسيتم إخبار الرأي العام في حينه بمختلف الإجراءات التي سيتم اتخاذها بهذا الخصوص.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=17367
عذراً التعليقات مغلقة