- بعض البشر يتحدثون بثقة عن الطيبة ويمارسون النفاق بمنتهى الإبداع. (وليم شكسبير).
- لا يعلو صوت على النفاق، هذه مأساتنا. (نجيب محفوظ).
- النفاق هو ان تتعامل مع كل نساء الأرض كما لو إنهن ناقصات عقل ودين، وعورات وحبائل شيطان، وحطب جهنم، إلا أمك تتعامل معها على ان الجنة تحت أقدامها. (سعيد ناشد).
النفاق في اللغة هو إظهار الإنسان غير ما يبطن. وسمي المنافق به لأنه يجعل لنفسه وجهين، يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يواجه. ويعرف مفهوم النفاق بشكل عام على أنه الطبيعة الخطيرة في السلوك البشري، وهو إظهار عكس ما هو كائن داخل النفس البشرية، ومن علامات النفاق، كما قال الرسول الكريم (ص): “إذا حدّث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف”. فمن توفرت فيه هذه العلامات فهو منافق خالص، ومن توفرت فيه واحدة ففيه شعبة من شعب النفاق.
ومن أخطر أنواع النفاق وأكثرها فتكا وأشدها تدميرا للمجتمعات هو النفاق السياسي بكل أشكاله، ويعتبر نفاق الرأي العام أخطر أشكال النفاق السياسي وأشده. ومن صوره السعي إلى كسب ود المجتمع بمجاملته ومداهنته على حساب الواقع والحقيقة، وبالتالي على حساب مستقبل تطوره وتقدمه ونموه. ومن أساليب المنافقين السياسيين المحترفين التستر خلف بعض الأعمال الإنسانية المشروعة لتحقيق غاياتهم الفاسدة والإضرار بكل من حولهم . النفاق السياسي ناجم عن ثقافة مجتمعية متدنية ، حيث يستغل المنافقون هذا التدني من اجل تحقيق مآربهم وأهدافهم المريضة على حساب القيم والأخلاق والمبادئ والأعراف . المؤسف إن ظاهرة النفاق أصبحت جزءا من الحياة اليومية في عالمنا العربي .
يمكننا أن نرصد بعض السمات التي يتسم بها مجتمعنا المحلي باعتبارها سلبيات يعاني منها، حيث تتبلور أبرزها في ضعف وهشاشة حصانته الفكرية والثقافية والسياسية والأخلاقية أمام النفاق بمختلف أشكاله ومظاهره وعلى وجه الخصوص النفاق السياسي وأمام طابور المنافقين الذي عادة ما يتنامى تعداده وتأثيره في المراحل الحاسمة والظروف الاستثنائية المعقدة التي يكون فيها المجتمع غير متزن، ومهيأ بصورة غير عادية لتقبّل ما يبثه المنافقون والدجالون من دعايات كاذبة ومقولات تضليل مريبة وإشاعات لتزييف الحقائق والترويج لثقافة الحقد والكراهية وبث روح اليأس وثقافة الهزيمة، وممارسة مختلف أشكال الوقيعة والدس الرخيص وجميعها تهدف إلى تدمير عوامل الثقة، وأسس الوحدة بين مكونات المجتمع، وتسميم الأجواء، وإثارة النعرات والفتن والصراعات الداخلية.
طبقا للدراسات النظرية والتطبيقية ثبت أن ليس للسياسة ذنب في خلق سياسيين منافقين وليست السياسة هي من دفعتهم الى ذلك، بل هي غايتهم لتحقيق مصالحهم الشخصية التي استخدموا السياسة من اجل الوصول إليها، فكانوا سياسيين منافقين، وفي اعتقادهم لكي تكون سياسيا ناجحا يجب ان تحترف الكذب والنفاق وتضليل الرأي العام.
المنافقين السياسيين لا يختلفون عن المنافقين دينيا الذين التحفوا عباءة الدين تسترا لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة، فهم جميعا في سبيل تحقيق طموحاتهم ومصالحهم الشخصية مستعدين للقيام بكل شيء سواء كان شرعيا أو غير شرعي طالما يرضي صاحب القرار، وهذا كله على حساب المخلصين والصادقين من أبناء الوطن. ولهذا نجد دائما أن القائد السياسي في الوطن العربي محاطا بشلة من المقربين المنافقين والدجالين الذين لاهم لهم إلا مدح الحاكم وتبرير جبروته وطغيانه، إما الضحية فهم أبناء الشعب الضعفاء والفقراء.
في كتابه صناعة الطاغية”، يقول الدكتور “ياسر ثابت“ عن هذا الوضع: النفاق السياسي في بلادنا لصاحب السلطة والنفوذ، سواء أكان مسؤولا أو منخرطا أو منافقا بين الإثنين ، قد يأخذ طابعا إعلانيا صاخبا. فهو لا يكتفى بالدعاء له أو بالتصفيق له عند مرورك أمامه، بل أنه يدبج له قصائد المديح وربما يكتب المقالات في الجرائد تأييدا ومباركة للقرار الفريد أو اللفتة التاريخية لهذا المسؤول أو ذاك. وإذا أراد فعل شيء ما لهذا الكبير صديقه في النفاق ، وكان صاحبنا من رجال المال والأعمال في النفاق وبيع الكلام بين زيد وعمر ، فإنه لا يكتفى بإرسال برقية عزاء أو بالمشاركة في تشييع الجنازة، بل لا بد من نشر صفحة أو ربع صفحة للقراء عبر الفضاء الأخضر وفي كبرى الصحف المحلية“.
النفاق هو حالة مرضية نفسية تنبئ عن خبث صاحبها حيث لا يستطيع أن يواجه الحقيقة صراحة، وما نراه في عالمنا المحلي السياسي اليوم من ممارسات تتسم بالكذب والخداع والغدر والتبرير غير المنطقي، هو انعكاس لتفشي هذه الظاهرة الخطيرة والمدمرة.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=17601
عذراً التعليقات مغلقة