العبدي الحر *** السفر في مثل هذه المناسبات فهو قطعة من العذاب، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وصدقه الواقع اليومي. ومهما اجتهد المجتهدون في توفير وسائل الراحة للمسافرين في جو السماء أو في الجواري في البحر كالأعلام، أو في القطارات الحديدية أو سيارات الأجرة أو غيرها، فسوف يبقى السفر قطعة من العذاب.
غير أن العذاب في السفر يضاعف أضعافا كثيرة لعامة المغاربة الذين تضطرهم شدة الحاجة وقلة المال إلى امتطاء الحافلات والقطارات وسيارات الأجرة. أشد أنواع العذاب في السفر يسهل ملاحظتها في المحطات الطرقية الخاصة بالحافلات، حيث تصبح الفوضى هي القانون السائد المعمول به، ويصبح المنحرفون وأصحاب السوابق العدلية هم سادة المحطات الطرقية والمتحكمين فيها تحت سمع وبصر المسئولين الإداريين والأمنيين. وما أن يدخل المسافر إلى محطة، حتى تهجم عليه عصابات من الكورتية ومساعدي السائقين لاختطاف المسافرين رغما عنهم وتوفير البضاعة للحافلات بكل وسيلة ممكنة. وأصبح المسافر المسكين لا يأمن على نفسه ولا على أمتعته، ولا على الوصول في الوقت المطلوب، ولو كان مسافرا من و إلى ، إذ قد يستغرق الانتظار لعدة ساعات.
محطة أسفي نموذج تقريبي لمجموعة من المحطات الطرقية المغربية التي يدخلها المسافر على تخوف، متعوذا من شرها المستطير وخطرها الكبير، فمن المسؤول عن هذا النوع من الإرهاب النفسي والجسدي أحيانا؟ الاستطلاع الذي أجرناه بين الأطراف المسئولة يجعلك تخرج بخلاصة مفادها التملص من المسؤولية لدى المسئولين. ولا شك أن لكل طرف مسؤولية جسيمة بمن فيهم المسافرون أنفسهم الذين لا يعرفون حقوقهم وواجباتهم في التصدي للأخطار والتهديدات والتلاعبات التي يتعرضون لها، ولو علموا لاختفت كثير من مظاهر الفوضى في محطاتنا وفي حافلاتنا التي أصبحت حافلات للموت بامتياز، سواء في بلدنا أو تلك التي تنقل المهاجرين إلى بلدهم.
كما يصاب المواطن بالذهول والحسرة بسبب الأجواء والمشاهد التي تؤثث فضاء المحطة الطرقية بأسفي ، فبمجرد أن يلج المسافر بابها الرئيسي حتى تتلقفه جحافل من الكورتية الذين لا يمنعهم حياء ولا خجل من مضايقات واستفزازات. إن حركية المسافرين تزداد في المناسبات الدينية والأعياد وفصل الصيف، مما يؤدي إلى نوع من الاضطراب والفوضى في المحطة. ويزيد أن الجهات المسئولة في قطاع النقل لا تقدم المساعدة الكافية حتى تتمكن إدارته من تقديم خدمات جيدة للمواطنين، ويعترف أن مصدر هذا البلاء أصله فئة الوسطاء غير المنظمين.
وفي جولة تفقدية للسير العادي للمحطة الطرقية بأسفي لاحظنا تواجد أشخاص ببنية جسمانية قوية ، ما هم بحراس المحطة ولا موظفين ،حناجرهم ترهب الجميع و يفرضون سلطتهم بعبارة ” حنا هنا بقوة القانون و لي ما عجبو الحال يشرب ماء لبحر “
وهنا نفتح قوس للحديث عن غياب المسؤولية عن المحطة الطرقية وهو عامل الفوضى مما خلق سماسرة داخل المحطة وكذا اخراج المسافرين الى النقل السري بجوار المحطة في العديد من المرات .
لقد بات من الضروري أن تتجند كل الجهات المعنية لتجاوز حالات الاضطراب وسوء التنظيم التي تعرفها المحطات الطرقية للنقل البري بالمغرب وإصدار قوانين تنظيمية للعاملين بها، خاصة فئة الوسطاء الكورتية وتفعيل دور المراقبة حتى يتم التغلب على أسباب ودواعي حوادث السير التي تكلف الملايير من الدراهم من الميزانية العامة للدولة وحتى يتم تشجيع السياحة الداخلية التي تساهم بدورها في تنمية المغرب.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=17733
عذراً التعليقات مغلقة