هو الشريف السباعي الادريسي تنحدر أصول ابيه من قبيلة البهاليل نواحي مدينة فاس جاء ابوه من هذه المنطقة ليستقر في قبيلة العمامرة وهي إحدى القبائل العربية الثلاث المكونة لاتحادية قبائل عبدة، الى جانب قبيلتي الربيعة والبحاترة الشمالية والجنوبية ، وتسمى أيضا أولاد عامر، وتنضوي جهويا مع جهة دكالة عبدة سابقا ، تزوج ابوه السي قدور بمجموعة من النساء من بينهم السيدة الامازيغية الشريفة لالة اهنية علي المنحدرة من منطقة تافراوت لتنجب منه شخصيتنا سيدي محمد بن قدور الأسفي أحد كبار تجار عبدة والنواحي ورجل من رجالات المقاومة.
ازداد سي محمد بن قدور بقبيلة العامر أو العمامرة سنة 15 أكتوبر 1888 وللإشارة فهذه
القبيلة هي مسقط رأس القطب الصالح أبي محمد صالح الماجري مؤسس أول رباط منظم للحج من المغرب الى مكة عبر بلاد الحبشة .
يرجع لقب القنفود كون ان السيد ينحدر من قبيلة البهاليل قرابة مدينة صفرو نواحي مدينة فاس وكما هو معلوم فسكان هده القبيلة ينطقون حرف القاف عوض حرف الجاف كما هو حال قبائل عبدة ففي صغره كلما رأى حيوان القنفد يخاطب من حوله انظروا انه القنفود عوض ان يقول (كنفود) كما ينطقها اهل قبيلته ومن ذلك الحين أصبح الناس يلقبونه بالقنفود فاستقر على هذا اللقب ليحمل أبناءه وأحفاده اللقب من بعده .
ترعرع الحاج محمد داخل اسوار مدينة اسفي في الوقت الذي كان للمدينة أبوابا وحرسا اوكل لهم مهمة حراسة الأبواب والسهر على مراقبة نظام الدخول والخروج ، درس في المسيد على يد مجموعة من ا لأئمة والفقهاء فقد كان رجلا عصاميا كون نفسه بنفسه دخل عالم التجارة في سن مبكرة لقد كان ضليعا في الحساب وملما بسبل التسيير المالي ، فبمجرد بلوغه سن 16 سنة اشتد عوده في عالم التجارة ليؤسس اول خط تجاري من سبت جزولة التي كانت فأل خير عليه ،ليفتح دكانا للتجارة في المواد البقالة والحبوب و بعدها أسس خطا تجاريا ثانيا بمركز سميمو ثم في مدينة الصويرة ثم مدينة اسفي وجمعة سحيم و اليوسفية ثم مراكش فعمل على تشيد عدة محلات تجارية بهذه المراكز .
في عام البون منحته شركة ، كوزيمار أول مأذونية بيع الشاي والسكر بمنطقة عبدة ، في بادئ الأمر أنطلق بتوزيع 500 كيس ليصل فيما بعد الى 5000 كيس ، فقد تاجر في جميع أنواع السكر سواء السكر الملفوف أو السكر العريان مثل” سكر النمر” و”الجرانة” والقائمة طويلة .
فقد كان الموزع الوحيد والرئيسي لهده المادة الأولية، لدى يعتبر من بين التجار القدامى الذين كانت لهم العضوية بالغرفة التجارية بمدينة أسفي ابان الاستعمار.
فيما بعد منحت له مأذونية ثانية من طرف شركة لوسيور وشركة كريسطال المتخصصتين في صنع زيت المائدة ، ليصبح بذلك اول مورد لمادة الزيت بالمنطقة الممتدة من الصويرة جنوبا ومراكش شمالا .
أما عن المأذونية الثالثة والمتعلقة بالشمع والمسمات ب مأذونية “سدانة ” اما المأذونية الرابعة والتي تخص بيع الملح فقد بدء في الأول الامر بمنجمين واقعين بمنطقة الوالدية.
المنجم الأول: يحمل اسم بير العطارة
المنجم الثاني: يحمل اسم سيدي براهيم
وذلك من اجل استخراج الملح الأبيض ، بعد ذلك عمل على انشاء مخزن للملح بمدينة الدار البيضاء بمنطقة الرياض العالي ihermitage casablanca
وقد شيد ثانية للبنزين لسركة إفريقيا قرابة مخزنه الواقع برياض العالي بالدار البيضاء ترك أمر تسييرها لصديقه المعلم الزيتوني بعدما شيد قبلها اول محطة بنزين في سبت جزولة نواحي أسفي تابعة لنفس الشركة .
فيما بعد سيستطيع سي محمد بفضل ابنه البكر سي مبارك القنفود الذي ساعد اباه في تطوير تجارته بعدما اصبحا يدخلان سلعا ومنتوجات جديدة مثل الزبدة (سنترال) ومجموعة من المواد االأخرى كالشوكلاطة الاوروبية والسكاكر مثل حلوى الدراجي الفرنسية و (ماكينطوش) ال٨نحليزية وهنريس والعديد من المنتوجات المتميزة ، ثم مواد التنظيف ومنتجات نيستلي (Nestlé) ، وبسبب مزاولته لتجارة الشاي حضي بدعوى زيارة الى دولة الصين من طرف كبار تجار الشاي بالصين الذين اعجبوا بشخصيته وخفة ضله وتفوقه في مجال تح
تجارة الشاي .
وللاشارة فالسيد محمد القنفود هو شخصية وطنية تتمتع بحس شوفيني طوباوي، سخر كل ماله وثروته من اجل صلاح هذا الوطن والمساهمة في استقلاله ، فقد كان من بين الرجال القلائل الذين مولوا المدارس الوطنية الإسلامية والمحافظة ، وقد احدث مسيدا خارجا من رياضه الواقع بدرب الفقيه الضراوي بشارع الرباط بمدينة أسفي من اجل تلقين كثير من أبناء المدينة وذلك على نفقته الخاصة ، ومن بين الشخصيات التي درست بهدا المسيد نذكر على سبيل المثال ولاد عبد الله الحجام ولاد سي حسن ولاد بنهيمة ولاد الريكوش ولاد القرفة ولاد البوسوني ولاد البوعناني ولاد الحكيم ولاد ابن عمر ولاد كوار والقائمة طويلة .
لقد كان السيد محمد القنفود انسانا طموحا محبا للحياة محبا للسفر والتجوال الشيء الذي جعله غير مرتبط بتجارته بشكل مطلق فقد كان يفوض للعديد من الناس تسيير تجارته ومعاملاته المالية مما سبب له العديد من الازمات المالية بسبب انعدام الثقة ماعدا القلة القلية من الأصدقاء المخلصين .
في افادة قدمتها لي ابنته الصغرى ، الأستاذة الفاضلة لالة فاطمة القنفود والتي كان لي الشرف ان ادرس بصفها بإعدادية الحنصالي بمدينة اسفي سنة 2006.حيث صرحت انه في طفولتها كانت ترافق والدها في سفره الى العديد من الدول وقد كانت المنطقة الاحب لقلبه هي (لانخيرون) بالديار الاسبانية وقد كان يرافقهم العديد من رجالات اسفي مثل الحاج
عبد النبي أعبيد ، والحاج بن عمر والفقيه الهسكوري ولفقيه بنموسى والعديد من الأسماء ، كانت تحضى برفقتهم بجو مليء بالحب والتصوف والفكاهة ، وفي طريفة جاءت على لسانها انه في احد الأيام وهم في احد الزيارات الى احد المواقع الأثرية الأندلسية وهي صومعة (الخيرالدا ) حمل الفقيه الهسكوري اباها على ظهره وهو يمازحه ” وا سي محمد راك كبرتي او عيتي اجي نطلعك مع هاد العقبة ندي فيك الأجر ” وذلك وسط ضحك الأصدقاء و الزوار الغرب الحاضرين في المكان .
وقد ذكرت السيدة كل من الاستاد سي عبد الله الهسكوري ابن الفقيه الهسكوري وكذا الاستاد مولاي عبد السلام الجبلي الذي كان قيد حياته استاذا لمادة الاجتماعيات بثانوية الشريف الادريسي بمدينة أسفي وكان يكرم اباها ويحمله مقاما رفيعا ويشهد له بصلاحه ونبل خلقه .
وبسبب مشاكل مالية و غدر بعض المسيرين اضطر السيد ان يسلك طريقا جديدا هو طريق الفلاحة ففي افادة قدمها لي السيد محمد الكزولي الأشرامي السباعي انه كان من بين المزودين لمخزنهم بسبت جولة وقد ربط عدة علاقات تجارية مع رجالات جزولة وتجارها وقد كان أمينهم يعودون له عند الحاجة .
وفي افادة أخرى تقدم بها السيد صلاح المسقي بلقرفة الءي يتذكره ويصفه بكل حب ، فعندما كان صغيرا كان يذهب الى دكان ابيه الواقع بالمحاذاة مع سوق الكيلاني وقد كان يلتقي بالسيد محمد القنفود رفقة ابيه السيد احمد بن مينة القرفة ليجده جالسا رفقة مجموعة من رجالات اسفي على سبيل المثال السي العدراوي والحاج قريطة والحج بنعمر (المسلوخ ) والحاج بريسل وبن حيدة والسيد بلحمدية والحاج أعبيد والحاج باكر والحاج القرع الزاغوري وولد الماكني وغيرهم من الرجالات التي افتقدتهم مدينة اسفي . وقد جاء في وصفه للرجل ، انه رجل في بنية جيدة وكاريزما قوية كلها هيبة وشخصية مهيبة مثقف ذكي يجيد الحساب احب وطنه حتى النخاع فقد كان من بين الناس الذين دعموا الحركات الفدائية بمدينة اسفي كما انه كانت له علاقة متينة بعائلته خصوصا زوج عمته السي مبارك بلقرفة تاجر الجلد والصوف والحبوب وقد ربط مع هذا الأخير العديد من العلاقات التجارية خصوصا في منطقة الواليدية ومنطقة زيمة الواقعة ببلاد أحمر ، فقد كان يورده بمادة الملح التي كان يحتاجها من اجل دباغة الجلود التي كانت ترسل فيما بعد الى مدينتي مراكش وفاس وقد قال عنه انه كان رجلا مولعا بالسيارات الفارهة وشغوفا بها خصوصا السيارات الامريكية الصنع وكذا السيارات الألمانية ولا يفارق راسه طربوشه الوطني بحيث كنت تقدر ان تميزه بين الناس من بعيد فقد كان ابي رحمة الله عليه: يقول لي ها هوا حبيبك القنفود جاي مسكين سير شد عليه ” وقد كان ابنه سيدي امبارك من خيرة المثقفين الذين أنجبتهم مدينة أسفي .
لقد استقبل الحاج القنفود في بيته العديد من الشخصيات سواء السياسية او الفنية على سبيل المثال
استقباله لزعيم حزب الاستقلال السيد علال الفاسي كما استقبل في بيته المهدي بن بركة اليساري المرموق رغم انتمائه سي محمد الى حزب الاستقلال وقد استقبل كءلك استقبل الفنان المصري إسماعيل ياسين عندما زار سينما الروكسي
وفي افادة أخرى جاءت على لسان الحاج محمد منيس رئيس جمعية ذاكرة اسفي والءي يذكره بالخير ويصفه انه رجل وطني بامتياز فقد كان من بين الرجال الداعمين لحركة
“اليد السوداء” الفدائية اما عن تجارته فقد كان دكانه بشارع الرباط مصدر انتعاش اقتصادي وتجاري . ونحن نعرج عن شخصية هذا الرجل ليس من جانب التفاخر ولكن من اجل نفض الغبار عن شخصيات ساهمت في تكوين الذاكرة الجماعية للمدينة ونفض الغبار عليها والتعريف بها للأجيال القادمة ولكي تكون قدوة لبناتنا وأبنائنا ومن اجل تبيان الروح الوطنية لأباءنا وأجدادنا كيف أحبوا وطنهم بدون مقابل.
رحم الله السيد محمد القنفود وجعل ذكره الطيب شفيعا له في دار البقاء .
بقلم الباحث رضى علويش
في مراكش يوم الخميس 18 ماي من سنة 2023
المصدر : https://www.safinow.com/?p=18110
عذراً التعليقات مغلقة