ناقوس وسنيسلة

ناقوس وسنيسلة

-أسفي الأن
اراء بلاقيود
-أسفي الأن2 سبتمبر 2023آخر تحديث : السبت 2 سبتمبر 2023 - 5:13 مساءً
ناقوس وسنيسلة

545454 - بقلم /ذ/حسن البصري *** توفي مؤخرا محمد تويرتو الشهير بـ”ناقوس” حين كان عميدا للثنائي “ناقوس وسنيسلة”، وقبله بسنوات مات رفيق دربه مولاي سليمان العلوي الملقب بـ”سنيسلة” في صمت، وانتهت دقات الجرس وانفرطت السلسلة.
شكل هذا الثنائي حضورا قويا في نفوس أطفال جيلنا، من خلال جولاته في مدارسنا، فقد كان وجود ملصق نشاط قوامه “كلون” في ساحة مؤسستنا إعلانا عن فرجة قادمة تخرجنا اختناق الدروس وتوالي الواجبات والاختبارات.
كان مدير المدرسة “السي الشاكي” يدعوني لمساعدة الحارس “باحدو” على إلصاق المنشورات الدعائية الملونة في سبورة الإعلانات وفي الممرات المؤدية للأقسام وفي بوابة المؤسسة، وكنت سعيدا بهذه المهمة لأنني أملك المعلومة وأجد نفسي أرد على تساؤلات زملائي وأولياء أمورهم حول سعر الفرجة ومكانها ومنشطيها.
وجدت نفسي أشيد دون سابق معرفة بالثنائي “ناقوس وسنيسلة”، وبمضامين عروضهما رغم أنني لم أشاهدها، وكان الحارس المنهمك في إلصاق المنشور الدعائي ينبهني للسلم الذي أمسكه حتى لا يختل توازنه ويصبح فرجة للتلاميذ والمدرسين.
حين أنهينا المهمة تعمدت حمل ما تبقى من ملصقات إلى مكتب المدير، وكان منشغلا مع شاب يتحدث بصوت جهوري، سأكتشف في ما بعد أنه تويرتو، لم ينتبها لوجودي وحين وضعت ما كانت أحمله من لوازم الدعاية انصرفت ببطء وأنا أنتظر إشادة من المدير وجليسه لكنهما لم يفعلا.

370259053 6644406518973056 658190189238059379 n -
تسلحت بما يكفي من جرأة وسألت الحارس عن إمكانية إعفائي من واجب حضور العرض المحدد في درهم واحد، في فترة كان فيها الدرهم بالنسبة لأقراني من فصيلة العملات الصعبة. فقال إنه سيتدبر الأمر شريطة أن أحضر مبكرا يوم العرض لترتيب القاعة و”رش” الساحة فتحملت حكم الأعمال الشاقة من أجل ساعة ونصف مع “ناقوس وسنيسلة”، وحين انتهى العرض كنت أتباهى أمام زملائي في المدرسة والحي بالفرجة المجانية.
ساد الاعتقاد أن هذا الثنائي يعيش حياة “الكلون” خارج الخشبة أيضا، ظننت أن الشخصية التي تسكن كل واحد منهما ترافقهما في حياتهما، لكن تويرتو ومولاي سليمان قبل ارتداء لباس “المهرج” يختلفان عما شاهدناه في العرض، كانا يتحدثان بجدية حتى اعتقدت أنهما شخصان يمثلان نيابة التعليم ولا علاقة لهما بالتنشيط والحركات التي تنتزع منا الابتسامة.
قضى هذا الثنائي زهاء ربع قرن من العطاء في مسرح الطفل، رافقنا في طفولتنا واستنسخ منه ممثلون آخرون ثنائيات “جنيسة” قضت فترة في تنشيط الأطفال ثم تخلصت من لباس “الكلون” و”ماكياج” السخرية وبحثوا عن مصدر رزق آخر بعد أن بارت بضاعة المسرح المدرسي، وأصبحت المدارس الخصوصية تحتاج لبروفيلات ساخرة متمكنة من لغات حية وتجيد التعامل مع أطفال لا يبتسمون إلا أمام ميكي ماوس وتوم وجيري والسنافر وسبايدرمان، رغم أن هؤلاء قد ضربهم التقادم.
الأطفال لهم اليوم مسرحهم في هواتفهم الذكية، لا يتحمسون مثلنا للمسرح المدرسي لا يقبلون على اقتناء تذاكر فرجة “الكلون”، لأن لهم منشطوهم في جوف تطبيقات يستعملونها في خلوتهم وفي ذهابهم وإيابهم على متن النقل المدرسي، دون أن تكون لأحد سلطة عليهم.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة