في احدى خرجاته والتي تزاوج السهل بالممتنع وبساطة التعبير بعمق المغزى ينصح الجنرال ديغول بالسعي إلى الأعالي حيث تقل كثافة الرعاع وينقص عديد الدهماء .
وهذا النصح ، لعمري فهو صالح لمحبي تسلق الجبال كما يعني الدول ذات سيادة .
واعتقد جازما بأن هذا النصح السديد من طرف قائد خبر الحرب ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻘﺒﻲ وفهم الشعوب وقت السلم هو ما يؤكد عليه المغرب حاليا ويمشي في خطاه نحو مستقبل اكثر ازدهارا بالرغم من تكالب الظروف بعضها طبيعي كالتغيرات المناخية وتواتر البقرات العجاف. بالفعل فقد تعددت دلائل الخيرات القادمة وسأكتفي بزوج منها كان بالفعل احسن ختام لسنة 2023 وهما خطاب الذكرى 48 للمسيرة الخضراء والزيارة التاريخية لملك البلاد الى دولة الامرات العربية المتحدة .
خطاب المسيرة :
أظن أن الخطاب الملكي في الذكرى 48 للمسيرة الخضراء كان له وقع كبير لأنه يوضح خارطة طريق جديدة وبوصلة المغرب بعد تحديد سابق لمنظاره نحو الصداقات والشراكات .
فلمواجهة خطاب جزائري بئيس ، يفعل جزء منه عبر أداة البوليساريو ، يحدد قائد البلاد اهم محاور ما بعد نزاع الصحراء والذي اصبح حاليا حجر عثرة في وجه نظام تبون / شنجريحة .
فالمغرب الان حدد بدقة بوصلته الجديدة ودوره المحوري بين الشمال والجنوب بعد ان خاب الظن في الاتحاد المغاربي وموته السريري بفعل فاعل رغم دموع التماسيح على احدى قنوات الجزيرة .
هذا التوجه هو إفريقي أطلسي ثم نحو العمق التاريخي للمغرب : بلدان الساحل ، وهي وشائح لم تنقطع خصوصا بين تومبوكتووحواضر المغرب (انظر رواية GNAOUA -L’Harmattan Paris 2015
هذا التوجه ليس عبر الشعارات والانشاء الذي بلاغته لغو ، بل عبر مشاريع واقعية ومدروسة بعناية تستجيب لمصالح كل الاطراف . ومن هنا يصبح لمشروع أنبوب الغاز النيجيري ، المغربي دلالة اكبر ، ولميناء الداخلة الاطلسي وجها تنمويا اقليميا .
بيد ان الرسالة الضمنية المهمة في هذا الخطاب ، تخص بالتأكيد على انفراد النظام العسكري الجزائري باستغلال غار اجبيلات جنوب تندوف ونقض اتفاق 1972 مابين المغفور له الحسن الثاني والرئيس الجزائري السابق هواري بومدين .
وفي هذا الإطار لو كان أبو عثمان الجاحظ معنا لأف كتابا حول “نوادر حكام الجزائر ” . فبدل قبول منطق المصالح المشتركة والابتعاد النهائي عن محاولة تقسيم المغرب لكي يتنسى لهم تصدير الحديد عبر الموانئ الاطلسية ، ركب القوم رؤوسهم وأصروا على حمل الحديد ، الذي لم تتقدم أي شركة للأمن الصين ولا غيرها، بطلب استخراجه ، لحوالي 1800 كلم عبر خط سككي بدل 380 كلم نحو الموانئ الاطلسية المغربية .
المشروع فاشل وزاد الطين بلة الموقف الجديد للمغرب .
أما بخصوص الجزء الثاني فهو يخص الزيارة الملكية التاريخية لدولة الامارات العربية المتحدة والتي تمخضت عنها جملة من المشاريع المهيكلة ليس فقط للمغرب بل كذلك لبعده الجديد الافريقي الاطلسي ودول الساحل .
مشاريع اغلبها سيرى النور على تخوم 2030 وهو تاريخ مفصلي لواحسنا استغلاله كفرصة لولوج عالم الاقتصاديات الناشئة .
وفي هذا الاطار فأغلب المشاريع المعلنة قد جرى توطينها : الناظور، الداخلة ، القنيطرة ، مراكش ، الدار البيضاء ، طرفاية … لكن هناك محورا مهما يمكن لأي مدينة ان تجد لها فيه موقع قدم فيه والمتعلق بالاقتصاد الرقمي .
وفي هذا الصدد أظن ان الكرة الان في ملعب الفاعلين المحليين. وهنا يمكن السؤال حول النخب المنتخبة ومدى وعيها بأهمية التحدي ؟
ﺳﻌﻴﺪ ﻟﻘﺒﻲ
ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺍﺕ-ﺃﺳﻔﻲ
ﺟﺍﻣﻌﺔ ﺍلﻘﺍﺿﻲ ﻋﻴﺍﺽ
المصدر : https://www.safinow.com/?p=19506
عذراً التعليقات مغلقة