فالمتسلقُ قليلُ المعرفةِ والكفاءة لإنجازِ أعماله السياسية . ولتعويضُ النّقصَ في كفاءتهِ ومعرفتهِ، يتصرفُ تصرفاتٍ بعيدةٌ عن النزاهةِ وأخلاقياتُ العمل السياسي والإداري. فالإدارةُ السياسية بالتسلقِ هي الأقربُ ما يمكن وصفِهم بها؛ لأنّهم يُحاولونَ التّسلقَ على جهودِ الآخرينَ؛ ليخطفوا الأضواءَ من أصحابِ الجهدِ الحقيقيينَ، ولكنهم سُرعان ما يسقطون وتلعبُ بهم الرياحَ كما تتلاعبُ بأوراقِ الأشجارِ في فصلِ الخريفِ، فما بُني على باطلٍ فهو باطلٌ. ولكنْ: على ِمنْ تقرأً زبوركَ يا داوود!
المتسلقونَ السياسيون لا يَملِكونَ فِكرًا أو رُؤيةً أو قُدرةً على الإبداعِ و الإجتهاد في العمل الذي انتخبوا من أجله من طرف المواطن ، ففي كثيرٍ من النجاحاتِ السياسية هي حصادٌ لما يزرعه الآخرون. إنّهم كالنباتاتِ المتسلقةِ التي تنبث برائحة كريهة في المجتمع المدني ، لا تستطيعَ أنْ تَشُقَ طريقَها إلّا اعتمادًا على غيرِها وهدا هو بيت القصيد . والغريب أنّهم لا يخجلونَ من أنفسِهم وهم يرغبون في الكسب السريع ولو على حساب المواطن ، ويدّعونَ بأنّهم الأفضلُ والأجدرُ بالثقةِ، وفي حقيقةِ الأمر غايتُهم الأسمى هي الوصول إلى مستوياتٍ سياسية أَعلى لا أكثرَ على حسابِ المثُل والقيم والعلاقات السياسية المشبوهة والغير السليمة.
قدْ يُحَقِقُ المُتَسلِقُونَ غاياتهم؛ لأنهم يَعرِفونَ منْ أين تُؤكل الكتفَ، ولكنهم الأَقل قبولًا في المجتمع المدني. فبرغم أنّ الاحتكاكَ بهؤلاءَ أمرٌ حتميٌّ لتسيير الأمور، إلّا أنّ التّعاملَ معهم يُعدُّ معاناةً مستمرةً لأسبابٍ مختلفةٍ، وبالتالي يتم تجاهلهم وتجنبُ التفاعل الجاد معهم. ويُعرفُ ذلك بنظرية القيادة الظرفية . التي تشير إلى أنّ السلوك السياسي المنتخب يرتبطُ بالمواقفِ والظروف المحيطة به ، إذ يعتمد التّعامل مع الآخرين بحسبِ الظرف أو الموقف.
في ظلِ الظروف الراهنة ومع إعادةِ هيكلة العديد من المؤسساتِ والقطاعاتِ داخلَ المؤسسةِ الواحدةِ، سَيَكْثُر شيوعُ الشَّخصياتِ المُتَسَلِقةِ؛ للتّقربِ من المسئولين السياسيين الجُدد ومُحاولةُ كسب ثِقَتِهم على حسابِ الآخرينَ، ظنًا منهم بأنّ ألاعيبَهم لنْ تنكشف، مُتغافلِين عن حقيقةٍ هامةٍ، ألا وهي: أنّ أولئكَ المسئولين لمْ يُكَلّفوا بتلك المناصب إلّا كونهم الأشخاصُ المناسبينَ لها، ولما اتسمْ بهِ جلالةُ السلطان هيثم حفظه الله ورعاه من حكمةٍ قياديةٍ بأنْ وضعَ الشخصَ المناسبَ في المكانِ المناسبِ. يقول ابن القيم:” الخفافيش يُبهـرهـا النـور وتأنس بالظلْمة”، لذا يجبُ الحِرص مِنْ هؤلاءِ الخفافيش المُتَسَلِقة، وعدمُ الانخداعِ بهم. فَهُم أُناسٌ مُحترِفونَ يُقاتِلونَ لأَجلِ الظُّهورِ في إحتفائياتٍ ولقاءاتِ عَرضُ الإنجازاتِ، واستقصاءِ أصحابُ تلكَ الإنجازاتِ بطرقٍ غير مهنيةٍ ولا أخلاقيةٍ؛ للوصولِ إلى أهدافهِم وتحقيقُ مَصالحِهم.
الخلاصة:
يُعْتَبَرُ العَملُ السياسي من القيمِ الإنسانيّةِ التي تُساعِدُ على بناءِ وتعميرُ المجتمعِ. والعملُ الناجحُ يُحافظُ على استمرارِ وتطورُ الحياةِ. ولا يأتي النجاحُ السياسي مِنْ تلقاءِ نفسهِ، بل يَحتاجُ إلى عَطاءٍ وتطويرٍ متواصلٍ من الأفرادِ. ولكنْ، من السيئ النَّجاح عَبْرَ الصعودِ على أكتافِ الآخرينَ. إذ يقولُ سبحانه وتعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الذينَ يَفرحُون بما أَتَوا ويُحِبُّون أَنْ يُحْمَدوا بما لم يَفْعلُوا فلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمفازةٍ من العذابِ ولهُمْ عذابٌ أَليمٌ}. (سورة آل عمران، الآية: 188).
المصدر : https://www.safinow.com/?p=19983
عذراً التعليقات مغلقة