بالمدرسة الدامجة نموذجا
تحية طيبة للحضور الكريم
إن اختياري لموضوع ” الرياضة العلاجية المكيفة للأشخاص في وضعية إعاقة مدخل لدمج المجتمعي الشامل” قاعة الموارد للتأهيل و الدعم الخاصة بالتلاميذ في وضعية إعاقة بالمدرسة الدامجة نموذجا نابع من الاهتمام البالغ بالإعاقة في دستور 2011 الذي ينص في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، لاسيما بسبب الإعاقة، وتنصيص الفصل 34 منه على »تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من حقوقهم الشاملة «، ودعوته »إلى تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية أو حسية أو حركية أو عقلية وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها.
و من ضمنها ممارسة الرياضة لأن الإعاقة لا ينبغي لها أن تكون عائقاً أمام الإنجاز، بل هي حافز للابتكار والإبداع.”
و باعتبار قاعة الموارد يرتادها المتعلمون و المتعلمات في وضعية إعاقة و تقدم خدمات الدعم الطبي و شبه الطبي، الدعم النفسي و الاجتماعي و الدعم البيداغوجي و التربوي.
و الملاحظ أن مفهوم الإعاقة يشكل مجالا مستجدا يخضع لتغيرات ملحوظة جراء تطور الإطارات المرجعية التي تلحق موضوع الإعاقة بمختلف تقاطعاته، سواء على مستوى التعاريف والتصنيفات التي يتداولها ويعتمدها المنتظم الدولي، أو سواء على مستوى القواعد المعتمدة من قبل كل دولة على حدة لتقييم حالات العجز والإعاقة.
ولعل الانتقال من »النموذج الطبي « لتعريف الإعاقة من خلال مفاهيم الرعاية، والحماية، والمساعدة والتكيف مع المجتمع إلى »النموذج الاجتماعي والحقوقي « من خلال مفاهيم التمكين، والمشاركة، والاستقلالية، وتكافؤ الفرص، وعدم التمييز، والقدرة… يلخص إلى حد ما تغير المقاربات المعتمدة، مع ما يعنيه ذلك من تطور في شبكات التقويم والقياس.
و استنادا للإطار المفاهيمي للإعاقة نجد ان:
التصنيف الدولي للإعاقة1980 / CIH
يعتبر الإعاقة مرض أو اضطراب يؤدي إلى قصور في بعض الأعضاء أو وظائفها وينتج عن عجز في الأنشطة المتعلقة بهذه الأعضاء، مما يؤدي إلى نقص في أدوار الفرد اتجاه الذات والمجتمع.
أما تعريف منظمة الأمم المتحدة ONU/2006
الإعاقة قصور ناتج عن اختلال أو فقدان أو غياب أو اضطراب في الأعضاء الفيزيولوجية أو العقلية أو الحسية للفرد ينتج عنه عجز وظيفي. وقد تضيف العوائق الاجتماعية حواجز أخرى تعمق العجز الذي تسببه الإعاقة.
التعريف حسب سيرورة إنتاج الإعاقة PPH
ترتبط الإعاقة بالأسباب والعوامل التي ينتج عنها نقص أو تغيير جزئي أو كلي في عضو ما، يؤدي إلى قصور جسدي أو حسي أو ذهني، وينتج عنه ضعف القدرة على القيام بنشاط ما.
الشخص في وضعية إعاقة (قانون الإطار الخاص بالإعاقة)
كل شخص لديه قصور أو انحصار في قدراته البدنية أو العقلية أو النفسية أو الحسية، بصورة دائمة، سواء كانت مستقرة أو متطورة، قد يمنعه عند التعامل مع مختلف الحواجز، من المشاركة بصورة كاملة و فعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الاخرين.
الطفل في وضعية إعاقة
الطفل الذي تعرض لاختلال وظيفي فيزيولوجي أو سيكولوجي أو هما معا، ونتج عنه قصور أو عجز وظيفي أثر على نمو إمكانات وقدرات هذا الطفل الجسدية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية، وعلى كفاياته وقدراته في القيام بالأنشطة الفردية اليومية الاعتيادية أو المدرسية.
و تجدر الإشارة أن المقاربة الطبية ترى أن الإعاقة هي اختلال وظيفي جسدي، حسي، أو ذهني ينتج عنه قصور في الأداء البشري. هذا الاختلال له أسباب ونتائج عضوية مرتبطة بالذات وبالعوامل الخارجية. وهذا ما يستدعي مقاربة علاجية تخصصية.
و علاقة بموضوع الرياضة العلاجية المكيفة للأشخاص في وضعية إعاقة مدخل لدمج المجتمعي الشامل” كان لابد من الوقوف كذلك على مفاهيم أساسية و هي:
مفهوم التربية البدنية باعتبارها مجال تعليمي يهدف إلى تطوير القدرات الجسدية والنفسية والاجتماعية للإنسان من خلال الأنشطة الحركية والتمارين الرياضية. و تسعى التربية البدنية إلى تحسين اللياقة البدنية، تعزيز الصحة العامة، وتنمية القيم مثل التعاون والانضباط.
و على ضوءها مفهوم التربية البدنية المكيفة لكونها مجال متخصص ضمن التربية البدنية، يركز على تصميم برامج رياضية وأنشطة بدنية مخصصة للأفراد ذوي الإعاقة أو الذين لديهم احتياجات خاصة. و تهدف إلى تمكينهم من المشاركة في الأنشطة الرياضية بما يتناسب مع قدراتهم.
و كذلك مفهوم الرياضة باعتبارها أنشطة بدنية أو عقلية تنافسية تُمارس وفق قواعد وقوانين محددة بهدف الترفيه أو تحقيق إنجازات فردية أو جماعية. تشمل مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل الجري، السباحة، كرة القدم، وغيرها.
و من تم مفهوم الرياضة العلاجية والتي هي استخدام الأنشطة الرياضية كوسيلة طبية لعلاج وتحسين حالة الأفراد الصحية والجسدية. يتم توجيه هذه الرياضة من قبل مختصين لتلبية احتياجات محددة، مثل إعادة التأهيل بعد الإصابات أو تحسين الأداء الوظيفي لذوي الإعاقة.
أما بالنسبة لأنواع الإعاقة المستفيدة من الرياضة العلاجية المكيفة فهي:
الإعاقة الحركية. الإعاقة البصرية. الإعاقة السمعية. الإعاقة الذهنية. الإعاقات المتعددة.
و فيما يخص الأنشطة الرياضية العلاجية المكيفة للإعاقات الحركية:
السباحة. ركوب الدراجات الثلاثية. تمارين التمدد والتوازن.
للإعاقات البصرية: الجودو المكيف. الجري الموجه. كرة الهدف (Goalball).
للإعاقات السمعية: ألعاب القوى. الرياضات الجماعية مثل كرة السلة.
للإعاقات الذهنية: الألعاب الجماعية البسيطة. اليوغا والتأمل. تمارين التركيز والتنسيق.
و يتضح أن الفرق بين المفاهيم الأربعة يكمن في كون:
التربية البدنية: مجال عام يهدف إلى تحسين الصحة واللياقة لجميع الأفراد.
التربية البدنية المكيفة: تربية بدنية موجهة ومخصصة للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
الرياضة: أنشطة تنافسية أو ترفيهية قائمة على قواعد محددة.
الرياضة العلاجية: رياضة موجهة لتحسين الصحة والعلاج البدني أو النفسي.
و تبدو أبعاد الأداء الوظيفي والإعاقة في اشتمالها على الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية، مما يتطلب نهجاً شاملاً للتعامل معها. فالرياضة كنوع من الأنشطة البدنية الرياضة تُعد وسيلة فعالة لتحسين الصحة البدنية والنفسية والاجتماعية للأفراد.
و الفرق الأساسي بين الرياضة العلاجية والرياضة التنافسية: تركز الرياضة العلاجية على الفوائد الصحية وإعادة التأهيل بدلاً من الأداء والمنافسة.
ومن أهم مبادئ تصميم البرامج الرياضية المكيفة
1. تقييم شامل: تقييم قدرات واحتياجات كل فرد.
2. التدرج في التدريب: البدء بأنشطة بسيطة ثم زيادة التحدي تدريجياً.
3. التكيف: تعديل الأدوات والبيئة والأنشطة لتتناسب مع الإعاقة.
4. السلامة: توفير بيئة آمنة خالية من المخاطر.
5. التحفيز: استخدام أنشطة ممتعة ومشجعة.
6. التنسيق مع مختصين: التعاون مع الأطباء والمعالجين الفيزيائيين.
أما الفوائد الصحية للرياضة العلاجية فتتجلى في :
1. الفوائد البدنية:
تحسين اللياقة البدنية، القوة العضلية، المرونة، التحمل، والتنسيق.
الوقاية من الأمراض المرتبطة بقلة الحركة، مثل السمنة وأمراض القلب.
2. الفوائد النفسية:
تقليل التوتر، والقلق، والاكتئاب.
تعزيز تقدير الذات وتحسين النظرة الإيجابية للحياة.
3. الفوائد الاجتماعية:
تعزيز العلاقات الاجتماعية، والاندماج المجتمعي، والشعور بالانتماء.
و بين تحديات تطبيق الرياضة العلاجية المكيفة نجد:
1. نقص المعدات أو المرافق المجهزة.
2. ضعف الوعي المجتمعي بأهميتها.
3. قلة المدربين المتخصصين.
4. التكاليف العالية لبعض البرامج المكيفة.
و من بين التوصيات لتطوير الرياضة العلاجية المكيفة
1. توعية المجتمع: تنظيم حملات توعية لدعم الرياضة المكيفة.
2. تدريب الكوادر: توفير دورات تدريبية للمدربين حول كيفية العمل مع الأشخاص في وضعية إعاقة.
3. توفير التمويل: تقديم دعم مالي للمرافق والأدوات المكيفة.
4. دمج الرياضة المكيفة في المؤسسات التعليمية: تعزيز مشاركة الأطفال والشباب ذوي الإعاقة في الأنشطة الرياضية.
5. إشراك الأسر: إشراك العائلات في البرامج لدعم المشاركين.
أما القيم والمبادئ الأساسية للرياضة العلاجية فتتمثل في:
1. الشمولية: توفير فرص متساوية لجميع الأفراد، بغض النظر عن نوع أو درجة الإعاقة.
2. المرونة: تعديل الأنشطة لتتناسب مع قدرات واحتياجات المشاركين.
3. الرعاية: تعزيز الاحترام والتفهم لاحتياجات الأفراد وتحدياتهم.
و تتجلى أهم التحديات التي تواجه الرياضة العلاجية في النقط التالية:
1. نقص الوعي والتدريب: العديد من المتخصصين في الرعاية الصحية يفتقرون إلى المعرفة الكافية بفوائد الرياضة العلاجية وكيفية إدماجها.
2. ضعف الوصول إلى المنشآت والمعدات المناسبة: الحاجة إلى تجهيزات رياضية مهيأة تلبي احتياجات الأفراد ذوي الإعاقة.
3. الحواجز الاجتماعية والثقافية: التحيزات والمواقف السلبية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة تعيق مشاركتهم.
و من تم فإن استراتيجيات التغلب على التحديات تفترض ما يلي:
1. التعليم والتدريب: تقديم برامج توعية وتدريب متخصصة للمهنيين الصحيين حول أفضل الممارسات في الرياضة العلاجية.
2. تحسين الوصول إلى المعدات والمنشآت: تعديل البنية التحتية الرياضية وتوفير التمويل لشراء المعدات المناسبة.
3. حملات التوعية: نشر ثقافة الشمولية وتعزيز تقبل المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يجب الأخذ بالاعتبار وجود فرص دمج الرياضة العلاجية في برامج إعادة التأهيل
و نقصد بإعادة التأهيل هي مجموعة من التدخلات المصممة لتحسين الأداء الوظيفي وتقليل الإعاقة للأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية تتفاعل مع بيئتهم عبر.
1. نهج يركز على الفرد: تمكين الأفراد من اختيار الأنشطة التي تتماشى مع اهتماماتهم وأهدافهم الشخصية.
2. التعاون بين التخصصات: تعزيز العمل التكاملي بين التخصصات لتحقيق أفضل النتائج.
3. تعزيز الصحة والرفاهية: تحسين الحالة البدنية والنفسية والاجتماعية للأفراد.
خلاصة القول إن الرياضة العلاجية للأشخاص في وضعية إعاقة تقدم نهجًا شاملاً لإعادة التأهيل، يعالج الأبعاد البدنية، النفسية، والاجتماعية.
كما ان التعاون بين التخصصات الصحية ضروري لضمان رعاية فعالة وشاملة.
و تعد الشمولية ركيزة أساسية، مع التركيز على تقديم فرص متكافئة للمشاركة الرياضية.
إن الرياضة العلاجية تتجاوز إعادة التأهيل البدني لتعزيز الثقة بالنفس، تقليل التوتر، وتعزيز التكامل الاجتماعي.
على الرغم من التحديات، فإنه يمكن التغلب عليها من خلال التعليم، التوعية، والتعديلات الهيكلية، مما يفتح أبواباً لتحقيق النمو والازدهار للأشخاص في وضعية إعاقة.
إعداد الأستاذ سفيان سنوي
مختص تربوي في مجال الإعاقة
مشرف على قاعة الموارد للتأهيل و الدعم
المصدر : https://www.safinow.com/?p=20814
عذراً التعليقات مغلقة