المصطفى دلدو
خلدت اثنين الغربية الذكرى الثانية لمهرجانها الربيعي تحت شعار : ” التبوريدة فن وأصالة ” . وهكذا عاشت الجماعة الترابية الغربية، خلال الفترة الممتدة ما بين 4 و 7 أبريل 2019، على إيقاعات التبوريدة، في سياق إحياء الموروث الثقافي المحلي بمهرجانها الربيعي الثاني وهو من تنظيم المجلس الجماعي، تحت إشراف عمالة إقليم سيدي بنور، وبتنسيق مع مختلف فعاليات المجتمع المدني.
واجتذبت ساحة محراشة، بعد أن اختيرت لفرجة الدورة الثانية التقليدية كميدان للتبوريدة، كل العيون إليها، باستقبالها ل ” السربات ” ، التي فاق عددها ال 20 سربة، من مختلف جماعات إقليم سيدي بنور، وحتى بعض المناطق التابعة لبعض الأقاليم أو الجهات المغربية في إطار الصداقة والعلاقات المتبادلة بين ناشطي هذا التراث المغربي.. في سياق عروض فلكلورية شعبية ، تداخلت فيها الأغنية التراثية ببارود الفرسان والحليب والثمر، وكذا المواويل والزغاريد النسائية ..
ولحضور الفرس العربي والفرس البربري وقع كبير بفضل رمزيتهما التأريخية المتوارثة أبا عن جد.. حيث يعد الفرس رمز القوة والشجاعة والإقدام .. ما دفع، بل، ألزم الشعوب والقبائل المغربية إلى الحفاظ على هذا الموروث الفرجوي ، مستحضرة ملاحمها البطولية التاريخية. كما أن للفرس جذورا وروابطا راسخة في مغربنا، ما جعله ويجعله كفيلا بالاحترام والتقدير والعناية الكبيرة لذا أهالي القبائل ببلدنا، ويكفيها شرفا وفخرا تسخيرها للاحتفالات الدينية والوطنية والشعبوية.
وفي تصريحه للجريدة أكد رئيس جماعة الغربية السيد بوشعيب بردان بصفته فارسا، وحاصلا على أحسن فارس بدار السلام بالرباط قبل سنوات، على أن التبوريدة تعد تراثا مغربيا وجب الحفاظ عليه من الانقراض وحمايته من كل العلل التي قد تصيبه ، واعتبر التبوريدة بمثابة تلك الشمعة المنيرة التي تحوم حولها الفراشات في إشارة إلى الزوار الذين حجوا إلى عين المكان وحاموا حول المحرك للتمتع بكل اللوحات الفنية للفروسية التقليدية.. ثم ضاف : إن للتبوريدة علاقة قوية ومتينة بين الانسان والحيوان / الفارس و الفرس، ويمكن القول بأن المغاربة الذين يتوفرون على خيول مدربة على هذه اللعبة الفرجوية ،هم من خيرة أقوام القبائل.. كما أن الحصان العربي يعد من أقدم وأنبل وأجمل الخيول في العالم ، وهو من السلالات الخفيفة..
– فن ” التبوريدة ” :
تعد “التبوريدة” نوعا من الاحتفالات الجماعية، المرتبطة بجموعة من المواسم الدينية والمناسبات الوطنية والشعبية، التي تجلب إليها الفرسان بخيولهم المزينة بشتى أنواع الزينة والبنادق، لإبراز براعة وكفاءة وإبداع وقوة كل متمكن من فنونها، سواء الشخصية منها أوالجماعية. كما أن الكتيبة أو السربة، كما يطلق عليها، تنطلق في نظام وانتظام في جو تتداخل فيه الهتافات بالزغاريد والأهازيج المصحوبة بالغيطة والطبل، تحت إشراف وتعليمات وإشارات ” لمقدم ” أو ” لعلام ” حسب لغة التبوريدة ، لتنتهي بطلقة واحدة وموحدة للبارود، ثم تعود الخيول بعد ذلك راقصة ومنسجمة مع إيقاعات موسيقى بعض الآلات التقليدية البسيطة كالمزمار / الغيطة والطبل عبر فضاء مخصص للعودة إلى نقطة الانطلاقة.
لإنجاح فن التبوريدة ، لا بد من توفير بعض الحاجيات أهمها:
ساحة تحتضنها يطلق عليها ، حسب لغة التبوريدة :” المطرك ” أو ” المجبد ” أو ” المحرك “، وعلى هامش ذلك تنصب الخيام ، ومنصات بعض الانشطة الرياضية والثقافية والموسيقية وكذا بعض المعروضات للبيع ، بأماكن مخصص للأغراض ذاتها..
زينة الفارس والحصان:
يتزين فرسان سربات التبوريدة بزي موحد، يتكون في الغالب من جلباب أبيض رقيق، ” الفرجية ” أو ” التشامير “، وسروال مغربي أبيض واسع، يعلوهم سلهام أبيض شفاف .. وعلى رأس كل فارس عمامة بيضاء أو “عصابة شرقاوية”.. محاطا بخطوط ” الحراف “، وهي تلك الحبائل الحريرية الحمراء ..وبعض الفرسان يتحرفون ب ” الكمية ” أو الخنجر ، أو ” الشكارة ” مشدودة ب ” مجدول ” أحمر على كتفه.. وبأرجل كل فارس نلاحظ ” التماك ” وهو حذاء من جلد رطب خفيف ، يصل إلى ما دون الركبة..
أما زينة الحصان التقليدية فتتكون من السرج أو السناح، مع إضافة مكونات أساسية وأخرى كمالية تستعمل للتنميق :ك”اللبد ” وهو نسيج صوفي ناعم محلي الصنع ، يوضع على صهوة الحصان. والتراشح : وهي عبارة عن ستة سجادات من ” الملف “، لحماية صهوة الحصان من مقدمة البطن ، برباط محكم يسمى ” تاكست “، وبآخر من صدر الحصان ويسمى ” الدير” ..وهناك عناصر أخرى للزينة عبارة عن خيوط حريرية تعلق بها أجراس، وتربط إليها حبات “الموزون ” أو ” اقيض “، وهو وشاح مذهب اللون في رقبة الخيل و ” تسككريت ” تربط إلى اللجام في ناصية الحصان.
” الهدة ” أو تحية المتفرجين
تحية الحضور أو ” الهدة “، أو ” التجربة ” كما تسمى بلغة الفروسية، تقدمها السربات / العلفات أو الكتيبات لحظة وصولها إلى ساحة التبوريدة ( المطرك أو المجبد أو المحرك ) للجمهور ، الذي يقابلها بالهتاف والزغاريد كعربون للترحيب بأجود الخيول المغربية، التي تمر في موكب راقص كله نخوة واحترام، وتلك إشارة للتبادل مع الحاضرين التحية ، وهي في طريقها نحو الرقعة المخصصة للاصطفاف وراء جميع السربات الواحدة تلوى الأخرى بكل عفوية وتلقائية..
ويشار إلى أن أول كتيبة / سربة تتميز بعدم وصولها حتى نهاية المحرك مع عدم إطلاق البارود في جولتها الأولى، ويطلق على هذه الجولة الأولى” خرجة استعدادية / تأقلمية مع هذه أجواء التبوريدة”.
العمار ” عمار البندقية / لمكحلة “:
وهو ذاك الشخص الذي يتكلف بحشو بنادق الخيالة بالبارود طيلة مدة التبوريدة لكل السربات .وللعمار مجموعة من المهارات والخبرات والكفايات تجعله آهلا لهذه المهمة ، كسد مكبس القرص ، حتى لا يتدفق البارود من الأسفل ، ثم ملء قناة البندقية بحفنة من البارود لا تفوق أصابعه الأربعة الأمامية، ثم الدك بواسطة ” الرداف ” قضيب يعلق بالمكحلة لا يتعدى طوله قناتها.. وللتأكد من وجود البارود بالقناة التي تمرر شرارة النار عن طريق الحبة يفتح مكبس القرص من جديد .. ويلاحظ على أن الحبة/ الموقد لا تضع في مكانها إلا عند انطلاقة السربة ، وذلك حرصا على سلامة البنادق ..
المصدر : https://www.safinow.com/?p=3309