وكان مفتتح الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وبعدها ألقى السيد المسير الأستاذ عبد العزيز الإدريسي كلمة الافتتاح رحب فيها بالضيوف المحاضرين والحضور المتتبعين، ثم أحال الكلمة إلى الأستاذات والأساتذة المحاضرين ليدلي كل واحد منهم بدلوه في موضوع الندوة، وجاءت كلماتهم على النحو التالي:
1-الأستاذ “بول هيكPaul heck :”:
ابتدأ كلمته بالتعريف بنفسه حيث قال بأنه أستاذ بجامعة جورج تاون، ولم ينس أن يوجه الشكر للجميع على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم وكثرة الحضور.
ثم عرج على موضوع الإحسان، فعدّه حالة إنسانية ونفسية وإيمانية يكون عليها الإنسان إذا رأى تعيسا أو مسكينا، ثم أردف بالقول بأن تكرر هذا الشعور يرفعه إلى أن يصبح قيمة راسخة في المرء.
واستدل لما يقول بقصة القديس فرانسيس، ومفادها أنه كان ذات مرة يمتطي جواده وأثناء مروره في أحد الشوارع قابل إنسانا أبرص، ففكر في أن يرجع من الطريق الآخر ولا يري الإنسان، إلا أنه عاد إلى نفسه ليقاوم هذا الإحساس.
وما أن اقترب من هذا الأبرص حتى نزل من ظهر حصانه وركض نحو الرجل وقدم له شيئا من المال، ولكنه أحس بأنه لم يفعل شيئا يستحق الذكر فعاد إلى الرجل واحتضنه وقبله.
ثم ختم الأستاذ “Paul ” كلامه بسؤال يدعو إلى التأمل، وهو : هل يمكن ترسيخ قيمة الإحسان في نفسية المتعلم؟
2- الأستاذة “راحيل فردمانRachel Fridedman : “
عرفت بنفسها على أنها أستاذة في جامعة “هربري” بكندا، وثنّت بشكر المنظمين والحاضرين.
ثم انطلقت في عرض كلمتها، وقد محورتها حول الإحسان في اليهودية موضحة أن “خسد” في اليهودية هو اسم من فعل “خساد”، ويعني حسن الخلق في التعامل مع الناس، وعلى رأس هذه الأخلاق الرحمة والشفقة.
ومن أجل أن تبين مكانة الإحسان في اليهودية ساقت نصا توراتيا يجعل العبادة محصورة في الإحسان، يقول هذا النص ” العبادة هي العمل بالخسد”.
3- الأستاذة “مادلينا دي بريماMaddalena di prima” :
قدمت نفسها على أنها باحثة إيطالية في حوار الأديان.
وعلى الرغم من أنها مسيحية إلا أنها تحدثت عن الإحسان في الإسلام، فذكرت أن الإحسان في الإسلام ينتظم العبادات والمعاملات.
ثم ساقت حديثا نبويا شريفا مثالا للإحسان في الإسلام، وهو حديث يتعلق بالإحسان إلى الوالدين من حيث نصيب كل واحد منهما، ونص الحديث هو كالتالي:
جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -يعني: صحبتي، قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك”.
4- الأستاذ “كريس بريجنChris prejan”:
عرف نفسه على أنه طالب دكتوراه في جامعة كاليفورنيا، وأنه يدرس في الكنيسة.
وقد اقتضب كلمته حيث نظر إلى الإحسان على أنه قيمة روحية قبل أن تكون أي شيء آخر، ثم شرح قوله هذا بأن الإحسان هو شعور العبد بالفقر إلى الله، وأن هذا الشعور هو الذي يحرك الإنسان إلى تحقيق الإحسان على أرض الواقع.
وبعدما انتهى الضيوف الربعة من كلماتهم ارجأ السيد المسير الكلمة إلى الضيوف المغاربة، وذلك على الترتيب التالي:
1-الأستاذ عبد الإله أبو ماريا:
قارب موضوع الإحسان من الزاوية اللغوية والبلاغية، فذكر أن الإحسان عائد في اشتقاقه إلى الحسن، وبما أن بينهما نسبا اشتقاقيا فلا بد من علاقة معنوية بينهما.
وقد أبان عن هذه العلاقة بقوله بأن الاستغراق في الحسن يقود بالضرورة إلى الاستغراق في الخير. وهذا الأخير هو ما قاد الحكماء إلى نسج الحكمة القائلة “اتق شر من أحسنت إليه”، والمقصود منها هو اتقاء شر من أحسنت إليه بدوام الإحسان إليه.
2-الأستاذ أحمد أزهر:
عرض للإحسان من زاويتين: من الزاوية الروحية، ومن الزاوية العملية.
فأما الزاوية الروحية فاستشهد لها بقول رسول الله (ص):”الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك”.
وقد عدّه الأساس الذي يقوم عليه الإحسان في بعده العملي، فالذي يعبد الله كأنه يراه لا مناص أنه سيكون مشفقا على الخلق رحيما بهم.
وأما الزاوية العملية فبناها على قول رسول الله (ص):”ّ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”.
وبناء عليه عدّ الإحسان من هذه الزاوية هو الإتقان.
ثم إنه وسع من دائرة الإحسان فلم يحصره في الإتقان، بل جعله يشمل كل عمل طيب.
3-الأستاذ المصطفى اسليمي:
ركّز كلمته على الإحسان من زاوية التعامل مع الآخر، فذكر أن الانفتاح على الآخر والاستماع إليه من صميم الإحسان الذي دعا إليه الإسلام.
ونبّه إلى ضرورة الفصل بين الإحسان إلى الآخر واتباعه، مشدّدا على أن الإحسان إلى الآخر لا يقتضي بالضرورة اتباعه والذوبان فيه.
بعدما أنهى المحاضرون كلماتهم، فتح السيد المسيّر باب التفاعل بين الضيوف والحاضرين.
وفي الأخير ختمت الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وسط تفاؤل وإعجاب من السادة المحاضرين الأجانب.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=4608