الدكتور .. ميلود العضراوي**تسلط وهيمنة النخب الانتهازية النافذة في منطقة عبدة تجاوز الحد المسموح به.
الخروقات الكثيرة التي تعتري تدبير الشأن العام المحلي والاقليمي في سجل منطقة عبدة وفي مدارها الترابي وبلدياتها وجماعاتها وفي عاصمتها الكبرى آسفي، لا تسمح لأي ناشط مدني او حقوقي أو منتخب بالصمت حيالها أو تجاهلها. هناك مسؤولية اخلاقية يتحملها الفاعل الثقافي او الحقوقي او المنتخب اتجاه ما يجري. ولا شك أن الثقل الكبير في مسؤولية التصدي للاختلال وسوء التدبير في المنطقة يقع على عاتق البرلمانيين بوصفهم صوت المجتمع في مركز القرار. فالمنطقة عموما تعاني من تبعات التدبير المجالي السيء منذ عدة سنوات والاختلال وتبذير المال العام وتراجع المخططات التنموية وركودها وجمود المشاريع واختلالاتها ماليا وتقنيا وهي على العموم ليست وليدة اليوم بل هي نتيجة سياسة منتهجة منذ عقود. أن المشاريع المنجزة التي تبدو للعيان في بعض احياء المدينة وفي كورنيش البحر؛ تفتقد بشكل مكشوف الى الجودة والمطابقة جعلت عددا من الاطر التقنية الكبرى المشرفة على تنفيذ المشاريع تمتنع عن توقيع بعض الوثائق وتنسحب وبعضها قدم استقالته، مما يدعو دستوريا إلى وضع المشروع العام للتهيئة الحضرية للمدينة وتبعاته موضع تساؤل، فالحدث ليس هينا في الاقليم وتساؤلات المجتمع المدني والاعلامي تضع المنطقة برمتها في مقدمة المناطق التي يجب مساءلتها وتحري قضاياها المجالية والمالية والادارية واستبيان الخروقات والتجاوزات بالمنطقة عموما، سواء في مدينة آسفي أو في سبت جزولة التي بح صوت الفاعلين الجمعويين والحقوقيين والمستشارين في المجلس البلدي بجزولة من أجل زيارة خاطفة لمفتشي التفتيشية الترابية او مسؤولين عن لجنة الطلبيات العمومية او قضاة المجلس الأعلى للحسابات دون جدوى. الوضعية تتشابه في كل الجماعات والمدن المكوكية المحيطة بآسفي. لقد رفعت العديد من شكاوى والتقارير للوزارة الوصية والكل ينتظر ويترقب نزول لجان التفتيش من حين لآخر. صمت المسؤولين والوزارة الوصية، عما يجري لا يمكن تبريره في ظل ما يجري من فساد مريع.
صدود البرلمانين الذين يمثلون الساكنة في مجلس الأمة ويمثلون المشروعية التشريعية في قلب المنطقة ويمتلكون سلطة الرقابة والافتحاص، يثير اسئلة العجب والاستغراب؟
الشكاوى التي تتهاطل على العمالة والجهة والوزارة من مدينة سبت جزولة لا يمكن مجابهتها بالصمت، لا بد من رد فعل اتجاه ما يحدث ..؟ المبادرة الأخيرة التي قام بها برلمانيون من آسفي ليست كافية هناك فساد طاغي على المنطقة ويجب تناوله عن طريق التقصي والتفتيش وبواسطة الأجهزة المختصة الادارية والقضائية.
دور البرلمانيين في نوازل الفساد والاختلالات المالية والتقصير في مسؤوليات المشاريع العمومية، هو ان يدقوا ناقوس الخطر وأن يتطوعوا لتبسيط واقع المنطقة لدى الجهات المسؤولة والمطالبة بفتح ملف التفتيش وتعقب الخروقات والتلاعبات اين ما كانت. الريع والنفعية والمصالح الضيقة، هيمنت على الوضع واحتكرت الثروة المحلية ثم أغرقت المنطقة في الفقر والتخلف. الكارثة العظمى تتجلى في كون المنطقة ليست فقط دائرة محصورة في التخلف والحرمان ولكن دائرة مغلقة تحت هيمنة نافذين لا يؤمنون بدولة المؤسسات ولا يأبهون للقانون. ودور البرلمانيين ان يقاوموا الاختلالات القائمة ويتصدون لها ويحمون المؤسسات ويدافعون عن الديمقراطية ضد الفساد والتسلط السياسي والنفوذ المالي الذي يعتبره بعضهم سلطة فوق سلطة القانون. فالمعروف أن البرلمانيين في دستور المملكة؛ حقوقيون، مشرعون، رقابيون، دورهم الوقوف على الاختلالات والخروقات والفساد ووضع مطالب وشكايات ومرافعات تحاط بها الجهات الحكومية ويطالب بتنفيذها. فلما لا يترافع هؤلاء عن هذه المنطقة تحت قبة البرلمان مثلما يفعل النواب الآخرون الذين يدافعون عن مناطق نفوذهم الانتخابي بحرقة وغضب وامتعاض وجنون أحيانا؟ أليست لديهم ملفات وشكاوى وحالات خطيرة تفضح الاختلال والمساس بالمال العام، إن افتراس الميزانيات العمومية يقع تحت أعينهم والسطو على العقارات العمومية والممتلكات الجماعية موضوع لا يخفى على احد؟ وفي آسفي مثلا، اليس كورنيش البحر شاهدا على ذلك ؟ أليست مداخيل ومخارج المدينة مهزلة بكل المقاييس حين تقارن بالأغلفة المالية التي اريقت فيها بسخاء ؟ أليس ملف استغلال الملك الجماعي بسبت جزولة، ملفا لا يقبل التأخير ويجب معالجته بالسرعة المطلوبة ؟أليس هناك بسبت جزولة مشاريع استنزفت مليارات وبقيت اطلالا واشباحا تحت أنظار السلطات الوصية؛ هناك سوق ومسبح وملعب وسنيما تابعة للجماعة ملفات شاهدة على الاستهتار بالمسؤوليات والتلاعب بالمال العام في عمليات مشبوهة لم تعد خافية على أحد؟ فلماذا تجابه تقارير المستشارين وشكاياتهم بجزولة بالتجاهل والاهمال؟
إن التسلط والنفوذ؛ أفسد المجال الانتخابي والحكامة الجيدة في هذه المنطقة وإن التسيب والعبث والتطاول على القانون،صار سلوكا وثقافة النافذين هناك، فمنطقة عبدة هي المنطقة الوحيدة في المغرب التي عرفت أكبر حملة لمحاربة المال السياسي قامت بها وزارة الداخلية على عهد مولاي الطيب الشرقاوي بعد استحقاق سنة 2007 وعرفت اكبر عدد من المنتخبين المحالين على العزل والتوقيف بسبب الفساد الانتخابي بعد ذلك. فلماذا تجابه الآن بصمت القبور.؟
المصدر : https://www.safinow.com/?p=5162