المصطفى دلدو**شاع المثل المغربي الناطق بلسان الدارج « طاحت الصمعة علقوا الحجام » بين صفوف المغاربة، ويطلق على كل مسؤول جائر، لما له من دلالة تعكس صورة بعض المسؤولين الطغاة، الذين لا ينظرون إلى المستضعفين إلا من أعلى برج بعين احتقارية.. حيث كلما حصل طارئ ما بدائرة نفوذهم إلا ويسقطونه على أفراد الطبقة الهشة، حتى ولو لم يرتكبوا أخطاء، فيأمرون بمتابعتهم والزج بهم في غياهيم السجون.. وبالتالي لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث بلجوئهم إلى الطرق القصيرة، بدل أخذ الوقت الكافي لتعميق ابحاثهم والوصول إلى الجاني الحقيقي..
حسب إحدى الرويات التي تدخل في إطار الأسطورة الشائعة، وربما قد تكون هي الأقرب إلى الحقيقة، حيث تحكي أن قائدا عاصر زمنا بعيدا، قام باستدعاء حجام / حلاق مشهور بدائرة نفوذه، لحلاقة رأسه وشذب لحيته.. فحضر الحلاق على الفور تلبية لنداء قائده.. وقبل الشروع في مهمته تناول وجبة الغذاء، التي قدمها له خدام المسؤول الأول، طبقا لتعليماته، ثم استعد الحجام/الحلاق لعمله.. متناولا بعض أدوات الحلاقة ( مشط وموسى ومقص..). وحاول تطهيرها وتعقيمها. ثم شرع في حلاقة شعر قائده.. لكن، وبعد انزلاق عقر الساعة متجاوزا ثوانيه انزلقت موسى الحجام/الحلاق لتصيب رأس القائد بجرح طفيف.. فاستشاط هذا الأخير غضبا، ما حدا بالحلاق المسكين إلى أن يستعطفه، ويطلب عفوه.. فجنح القائد للهدوء، وأمره بمتابعة عمله حتى النهاية، محاولا بذلك كثم سره أمام المقربين منه، وكذا ساكنة دائرة نفوذه، حتى لا يتحول إلى مسخرة بأفواه الجميع..
مرت أيام قليلة، فتوصل القائد بنبإ انهيار صومعة مسجد بدائرة نفوذه، المتاخمة لدكان الحلاق.. ودون أذنى تفكير لمعرفة الأسباب المؤدية إلى سقوط الصومعة، ودون أي تردد(!!) أمر القائد باحبس الحجام/الحلاق المستضعف وشنقه، بتهمة سقي بعض المغروسات بين الفينة والأخرى بالشريط الترابي المحيط بالمسجد، الشيء الذي أثر بشكل مباشر على الجدران التي تآكلت تدريجيا إلى حين سقوط الصومعة.. ومباشرة بعد ذلك تم تنفيذ شنق الحجام/الحلاق.. فكان المسكين ضحية جرح طفيف برأس القائد، سبق وأن ارتكبه أثناء حلاقته.. ومن ذاك الحين بقي المثل المغربي الدراجي « طاحت الصمعة علقوا الحجام » يتداول بين الناس..
المصدر : https://www.safinow.com/?p=5233