الدكتور .. ميلود العضراوي** سياسة عرجاء وعمياء نفس الوقت، لقد حاولت المشي بعكازين سوء التدبير واعتبار برنامج الاسكان فرصة للإثراء السريع واستغلال المكون البشري المهمش لأغراض انتخابية. هذه السياسة المختلة للتعمير والاسكان تسببت في اختلالات بنيوية عميقة في التصميم العام للمدينة. ما دامت الجماعة تعرف عجزا ماليا كبيرا فإن برنامج الاستثمار العمومي لم يقدم شيئا ذا اهمية في مشروع الهيكلة والتعمير . وسط المدينة سيبقى يحمل الطابع القروي والسوق القديم الذي يعتبر الوعاء العقاري القابل لتجديد البنية المعمارية للمدينة لا يمكن الاستغناء عنه في المدى القريب قبل حل اشكالية السوق الجديد. البناء العشوائي طال بعض المساحات الشاغرة في السوق وبعض البقع الأرضية المجاورة لسوق الخردة التي يتم تسييجها بالأسلاك تطرح حولها علامة استفهام؟ لا يمكن تغيير البنية القروية للمدينة في ظل هذه السياسة العرجاء للتعمير. الجمود الذي عرفته دينامية الاسكان طيل سنوات؛ انتج كارثة بيئية وقنبلة بشرية موقوتة في احياء العشوائي الذي اطلق له الحبل على الغارب واصبح البناء مشاع بين القادرين عليه من المهجرين من القرى المحيطة بجزولة . في المنطقة الغربية للمدينة ينتشر البناء العشوائي على قدم وساق تحت أنظار المسؤولين المحليين؛ المنتخبين والإداريين. ما لا يقل عن 15 ألف نسمة من السكان يقطنون أحياء عشوائية مكتظة ومتداخلة البنيان ومساكن بنيت على عجل خلقت نموذجا صارخا للعبودية والامتهان البشري. أغلب الأحياء تفتقر الى وسائل العيش الكريم بما في ذلك الماء الشروب وقنوات التطهير؛ كارثة عمرانية خطيرة تركت جرحا غائرا في البنية الحضرية للمدينة التي يستحيل ان تعافى منها في زمن قريب والسؤال؛ من هو المسؤول عن تطويع المنطقة لتتحول الى منطقة الهامش العميق في مغرب اليوم، مغرب الحداثة والتطور؟ من يريد أن يزج بساكنة هذه البلدة المسكينة في أتون (كانون) الفقر والحاجة ويحولها الى كتلة بشرية تحترق ببطء في مجال محروم من كل مظاهر العيش الكريم؛ مصانع، مستشفيات، مؤسسات تعليمية وتكوينية ومناطق خضراء وغير ذلك. جزولة مجرد بقرة حلوب يمتص حليبها مجموعة من المرتزقة والوصوليين وتجار الانتخابات، وفئات واسعة من المجتمع الجزولي والمناطق المحيطة به، يعيشون على ايقاع الفقر والخوف والاستغلال ويتحولون الى ورقة انتخابية. البناء العشوائي اعاد البلدة الى حالتها الأولى في العقد الستيني وحطم قدرتها على الانتقال من البنية القروية الى البنية الحضرية وحال دون تحقيق هوية معمارية موحدة للمدينة. هناك صمت وتجاهل ملحوظ وهناك عبث يهيمن على سياسة التدبير والتسيير في سبت جزولة. صمت المؤسسات الوصية اتجاه ما يجري بهذه المدينة ليس سياسة حكيمة، والاجدر بالمسؤولين في المؤسسات الوصية أن تعالج الوضعية التي تزداد سوء بآليات إصلاحية ملائمة، الأجدر تفعيل مسطرة العقاب والجزاء ضد كل من اعتدى على القانون ومارس سلطة خارج صلاحياته وسهل عملية افساد المجال الحضري للمدينة وضد التقصير والتهاون في المسؤوليات وسوء التدبير والتسيير.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=5288