قاومت نبتة الصبار بإقليم سيدي بنور لعقود مضت
وقرابة المئة بالمئة من نبتة الصبار بإقليم سيدي بنور تضررت وتعفنت بفعل اجتياح الحشرة القرمزية، وغياب تدخل الجهات المسؤولة لحمايتها، وكأنها ليست معنية بالأمر، لا سيما في الجماعة الترابية الغربية المعروفة بتلك الزراعة.
وتعود زراعة الصبار الكثيفة ب « اثنين الغربية » إلى عقود مضت، واستغلت بهدف تسييج وحماية الأراضي الفلاحية (Brise-vent)، على اعتبار أنه كان بديلاً عن السياجات الحديدية الشائكة، إلى جانب الاستفادة من فاكهتها عن طريق الاستهلاك أو البيع.
وفاكهة الصبار تحتوي على فيتامينات ومقويات ومنشطات، حسب أهل الاختصاص، ومن فوائدها: معالجة الضعف الجنسي والسعال، وتنظيف المعدة من الديدان والطفيليات.. كما أنه يستعمل في عدة صناعات.. وقد يؤدي إلى الإمساك في حال الإفراط فيه.
وعلى ضوء ذلك فإن الدولة شجعت على تأسيس جمعيات وتعاونيات تهتم بهذا المنتوج المجالي، فاستبشر الجميع فال خير، فسارعوا إلى عملية تأسيس واسعة عبر التراب الوطني، وأخذت تنشط في مجال استخراج الزيوت والعلف من الصبار، وبالتالي ساهمت في التشغيل الذاتي بخلق فرص عمل للعديد من الشبان والشابات، خاصة العنصر النسوي.
أصدر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «ONSSA» بلاغا
وفي يوليوز من سنة 2015 أشار بلاغ المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «ONSSA» بسيدي بنور إلى أن الحشرة القرمزية، التي أصابت الصبار / التين الشوكي، كما يسميه البعض، تبقى محدودة الانتشار، ولا تنشط سوى في تراب جماعة سانية بركيك، دائرة الزمامرة، إقليمسيدي بنور، وأضاف بأن مصالح الصحة النباتية التابعة للمكتب ذاته «ONSSA» معبأة لاحتواء أي امتداد محتمل للحشرة إلى مناطق المجاورة، كما أقر بأنه تم رصد هذه الحشرة بالمنطقة ذاتها منذ شتنبر 2014، في إطار إجراءات المراقبة الصحية للثروة النباتية.. وأن تسويق فاكهة الصبار تمر في ظروف جيدة، و أن العرض المطروح في السوق يكفي لتلبية الطلب على هذه المادة..
وأوضح البلاغ أيضا بأن الأبحاث التي أجرتها مصالح المكتب، أكدت أن الأمر لا يتعلق سوى بحشرة قشرية صغيرة تتغطى بخيوط شمعية رقيقة بيضاء.. فالإناث لا تتنقل كثيرا، بل، تفضل التعلق بسطح الألواح الصبارية، لأنها تشكل مصدرا لغذائها المفضل، وعلى سطحها تبيض أيضا، فيما تكثر الذكورمن الحركة والتحليق.. وتفرز الحشرة مادة ملونة حمراء قرمزية مرئية تسمى «كارمين» عند قتلها، وتستعمل هذه المادة كملون طبيعي في الصناعات الغذائية، والمواد الصيدلية والتجميلية، خاصة في بلدان أمريكا اللاتينية كالمكسيك والبيرو..
والحشرة لا تصيب إلا الصبار، كما أنها لا تشكل خطرا على صحة الإنسان والحيوان معا، حسب البلاغ.. ومن خلال تحسيسه وتوعيته للفلاحين أوصى (م و س ص م غ) بالتصدي لهذا الكائن الغريب / الحشرة القرمزية بمنطقة سانية بركيك / إقليم سيدي بنور، التي لن تتعدى كيفية اقتلاع ودفن ألواح الصبار المتعفنة والمتضررة للحد من انتشار الحشرة..
الشيء الذي أقلق بعض المنتجين لفاكهة التين الشوكي ودفعهم إلى التقليل من شأن الدولة، في شخص ممثلها المحلي بسيدي بنور المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، التي لم يكلف نفسه سوى توجيهات فارغة من أي تدخل مباشر له أو تقديم مساعدة مادية / ملموسة، على الأقل، تزويد الفلاحين بالمبيدات الناجعة وكيفية استعمالها مع آلات رشها.
والحقيقة غير ذلك، ولم تقف الحشرة القرمزية عند هذا الحد، بل، تجاوزت واجتاحت مساحات شاسعة لمزروعات نبات الصبار أو التين الشوكي، لتصل إلى الأقليم المجاورة ، وأبعد من ذلك.. ألحقت أضرارا كبيرة بهذه الفاكهة المتميزة، وحولت حقولها إلى أطلال، بعد أن كانت هذه النبتة تؤثت مشهد الطبيعة بلونها الأخضر الفاتح الزاهي طيلة فصول السنة، ولم تستثن البيوت السكنية، بل، اجتاحتهم أيضا، بحكم أن نبتة الصبار تحيط بمنازلهم بالعالم القروي.
الحشرة القرمزية/الكوشني وتدميرها لنبات الصبار.
تعتبر أمريكا الجنوبية الموطن الأصلي لهذه الحشرة التي تدعى بالحشرة القرمزية أو (الكوشني)، أما صنفها فهو Dactylopius opuntiae ظهرت هذه الآفة بالمغرب سنة 2014 بإقليم سيدي بنور، ثم انتشرت بشكل تدريجي بمختلف المناطق، فظهرت بآسفي سنة 2016، ثم بأكادير (جماعة بولفاع) في يوليوز 2017، لتظهر بؤر منها بعد ذلك بإقليم سيدي إفني، وأقاليم أخرى لتعم المغرب بكامله. تصيب هذه الحشرة نبات الصبار خاصة من نوع Opuntia ficus indica. تظهر على شكل مجموعات قطنية بيضاء تسبب جفاف نبات الصبار بعد امتصاص السوائل مما يؤدي إلى تعفنه ثم موته جراء شدة الإصابة، تتميز بسرعة الانتشار و كذا بقدرة تدميرية عالية.
أصل الحشرة القرمزية
يعود أصل هذه الحشرة إلى أمريكا الجنوبية المكسيك والبيرو.. وقد استوردتها استراليا لمحاربة نبات الصبار الذي اكتسح أراضيها. ويبدو أن هذه الحشرة وصلت إلى جنوب إفريقيا من أستراليا. وخلال تسعينات القرن الماضي ظهرت بجنوب إسبانيا، وفي الشرق الأوسط، بلبنان على الخصوص. وقد ظهرت مؤخرا بجزيرتي قبرص ومالطة، وكذلك بشمال الأردن. وتوجد الحشرة أيضا بجنوب السعودية ويبدو أنهم يستعملونها لمحاربة الصبار على الطريقة الأسترالية. ولعل أهم الدول المتضررة من الحشرة هي البرازيل التي فقدت في ظرف وجيز أكثر من 600 ألف هكتار من الصبار.
مؤسس الجامعة الدولية المتنقلة للصبار، السيد عبد الرحمان ايت حمو يصرح:
وفي حوار له مع إحدى الجرائد الإلكترونية المغربية، صرح مؤسس الجامعة الدولية المتنقلة للصبار، المهندس الفلاحي عبد الرحمان ايت حمو قائلا: .. يصعب الحد من انتشار الحشرة القرمزية، لأنها تتنقل بكل الوسائل: الرياح، الماشية، الطيور، الأعلاف، الإنسان، والشاحنات. والقضاء عليها أكثر صعوبة لأسباب عديدة منها: انتشارها الواسع في مروج الصبار، وخاصة تلك التي توجد بمناطق معزولة، أو المروج الكثيفة، التي قد لا تتمكن المبيدات من الوصول الى كل الألواح. ثم إن تكلفة المعالجة تعد باهظة، بالنظر الى المساحات الشاسعة، التي يتواجد بها الصبار. رغم كل هذه الصعوبات، يجب العمل على القضاء على هذه الآفة، التي تحرم ساكنة المناطق الجافة، والشبه الجافة من موارد تخفف عنها أثار السنوات الجافة، وتوفر مخزونا علفيا مهما. كما تحرم تعاونيات نسوية من صناعة تساهم في تحسين دخلهن من خلال بيع بعض المستخلصات الغذائية والتجميلية.
من بين الحلول المقترحة هي: إعادة زراعة الصبار، باستعمال أصناف مقاومة للحشرة، لكن يحق لنا أن نتساءل: هل لهذه الأصناف نفس الجودة، التي تتميز بها الأصناف المهددة كموسى وعيسى والدلاحية؟ والتي حصلت على علامات البيان الجغرافي المحمي.
واعتبر البعض أن تصريح المسؤول الكبير بالجامعة الدولية المتنقلة للصبار المهندس الفلاحي عبد الرحمان ايت حمو، استسلام للدولة ومؤسساتها أمام غزو حشرة قرمزية صغيرة بحجم قملة في زمان تطورت فيه كل التيكنولوجيات الحديثة..
شهادة أحد ضحايا إتلاف الصبار
وأكد أحد ضحايا إتلاف الصبار: ..أن هذه الحشرة القرمزية التي هاجمت صبار بقبائلنا، وخلفت أضرارا جسيمة بالنسبة للعائدات الفلاحية خلال المواسم الأخيرة، وزاد غياب أمطار الخير الطين بلة.. والمسؤولين عن الدولة، وعن القطاع بصفة خاصة لا يجددون علاقتهم مع الفلاح، إلا عند قرابة الانتخابات بصنفيها التشريعية والجماعية.. وليست هناك أية إجراءات استعجالية.. لا مبيدات، ولا مكافحة الكيماوية من طرف القطاع المعني.. وحتى عملية القلع واجتثاث ودفن الألواح المتعفنة لم تشمل المنطقة برمتها.. ، نحن معشر الفلاحين، لا نهمهم.. (!! )
وتأسف الضحية لفشل الإجراءات الخجولة، التي قامت بها الجهات المعنية أمام توغل وانتشار هذه الحشرة القرمزية بجذوع نبتة الصبار..
ثم أضاف، حسب بعض المعلومات الرائجة بالمنطقة عن الحشرة القرمزية، التي ظهرت بالمغرب منذ سنة 2014، وأصابت نبات الصبار، هي حشرة كانت تستوطن أمريكا والمكسيك في الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية، سبق لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن رصدت، إثر انتشار هذه الحشرة القرمزية، غلافا ماليا قدر بحوالي 80 مليون درهم، كخطوة لتعزيز تدابير محاربتها، وأعلنت عن إحداثها لجنة لليقظة تتولى تدبير وتتبع برنامج اقتلاع ودفن الأغراس الأكثر تضرراً. لكن لم يصلنا منها شيئا.. والصبار المتضرر لا زال يراوح مكانه على شكل أطلال!!
والسؤال الذي يبقى عالقا في ظل هذه الخسائر المادية الكبيرة لنبتة الصبار، التي ضاعت معها ثروة غنية ومفيدة.. كانت تعود على أهل البوادي بأرباح مالية مهمة، عن طريق استخراج زيوت ومواد للتجميل،وعلف.. هو: “هل ستدفع تعويضات للفلاحين من تلك القيمة 80 مليون درهم، التي سبق وان رصدت باسم الفلاح لتخفيف الأضرار التي لحقته جراء هذه الحشرة الملعونة؟”.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=5471