وأنت تقرأ قوله تعالى في سورة آل عمران: “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”..
وتنظر كيف تسابق صحابة رسول الله -ص-على تطبيق مضامينها ..يتجدد فهمك لهذا الدين العظيم..
فتتذكر أن الإسلام ليس نظرية مجردة.. لكنه فكرة ومنهج حياة..
حين نزلت هذه الآية العظيمة، تصدق صحابي بأرض كان شديد الحب لها، وآخر بنخيل يشغف قلبه، وآخر بفرس يعشقها..وآخر اشترى جارية احبها فأعتقها..فتعددت بذلك صور، من ما يجب إنفاقه، مما نحب..
ولتحقيق الغاية من الأية الكريمة،- انتزاع حب “الأشياء” من قلوبهم-، صرف النبي صدقاتهم إلى أقاربهم..
كان ينبههم أن هناك فقراء، ومحتاجون يعيشون إلى جانبهم..لهم عليهم حقوق..وهو ما أشارت إليه أيات القرآن بعدد من السور المكية والمدنية، تدعو للإحسان لهم، كما للمساكين واليتامى والفقراء وابن السبيل، بعد الإحسان إلى الوالدين..”وبالوالدين إحسانا وبذي القربى”..و “قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين”. “الوصية للوالدين والأقربون”..
■ المؤاخاة بين المسلمين.
بعد الهجرة النبوية إلى المدينة..حرص نبي الرحمة، بعد بناء المسجد، على المؤاخاة بين المسلمين..
وفي ملحمة رائعة، اقتسم الأنصار مع إخوانهم الجدد المهاجرين، كل ما يملكون نصفين..
■ “أهل الصفة”.
وحين كثرت الهجرة إلى المدينة، ولم يعد ما يقتسمه الأنصار مع من هاجر إليهم؛ تكونت ظاهرة جديدة في المجتمع المدني..صار عندهم ما سمي بأهل “ألصفة”..وهم مجموعة من الصحابة، فقراء لا مأوى، ولا غذاء لهم. تجمعوا بأحد أركان المسجد..فكان لابد لمن حل عملي لهم..لتمكينهم من حق في العيش والحياة..
لقد طلب النبي -ص- من باقي إخوانهم التكفل بهم.. وقال ( من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس.. فاستضاف أبا بكر الصديق ثلاثة منهم ببيته، واسضاف النبي -ص- عشرة منهم).. وحين طلبت ابنته فاطمة بشيء من الأنفال يوم ما..امتنع عن تلبية رغبتها، وقال لها، ما معناه، إن أعطيتك فبما سأطعم هؤلاء الفقراء المحتاجين من اهل “الصفة”. وأعلن أنه سيبيع تلك الانفال، ويطعمهم بها..
المصدر : https://www.safinow.com/?p=8517