“كورونا ” صانع المتناقضات …

“كورونا ” صانع المتناقضات …

2020-04-08T13:43:39+01:00
اراء بلاقيود
8 أبريل 2020آخر تحديث : الأربعاء 8 أبريل 2020 - 1:43 مساءً
“كورونا ” صانع المتناقضات …

عن جريدة قريش اللندنية

يوسف بوغنيمي كاتب مغربي

لم يكن أحد على وجه البسيطة منذ  الأيام القليلة الماضية يعتقد أن فيروسا تاجيا صغيرا سيفرض حجم هذه التغيرات والمتناقضات في ظرف وجيز على  ساكنة المعمور, ويجبرها عنوة لالتزام جحورها خوفا من عدو غير مرئي ، بالرغم من حجم التطور العلمي و التقدم التكنولوجي , بعدما ظل الإنسان لقرون من الزمن بأنانيته وعنثريته يبطش بالطبيعة من خلال رغبته الجامحة في ترويض  كل شيء يجده أمامه , فلم يكترث لحماية البيئة التي خرج من رحمها,  فاستنزف موارد الطبيعة  ولوث الماء والهواء وعصف بكل مكوناتها…رغم المناشدات التي ما فتئ يطلقها حماة البيئة بالرغم من مؤتمرات الكون التقليدية التي لم  يكثرث  معها بنو البشر لعواقب ارتفاع درجة حرارة الارض وتأثيرات الانحباس الحراري ووو…

لكن أزمة كورونا لم تكن بنفس البشاعة التي نعتقدها باستثناء الأرواح التي أزهقتها  ,بالمقابل اعتبر العديد من  المتتبعين  أن زمن  “كورونا ” شكل فترة للراحة البيولوجية لكوكب الأرض ،فبالرغم من كون ” كوفيد 19 ”  قد اضر بالاقتصاديات وفرض الحجر الصحي على الغالبية العظمى من ساكنة الكرة الأرضية إلا أن لكورونا حسنات وجب الإقرار بها .

● كورونا فرصة للراحة البيولوجية لكوكب الأرض وصديق للبيئة بامتياز  :

زمن الحجر  شكل  فرصة للتعقيم الشامل لكوكب الأرض وخفض  نسبة التلوث عبر العالم من نيو دلهي ,  بكين إلى القاهرة و  نيويورك  وغيرها من أصقاع الأرض … فهكذا  أظهرت صور نشرتها وكالة ناسا الأمريكية تراجعا حادا في مستويات التلوث  بالصين مثلا  كأحد  أقوى الاقتصادات العالمية  تصنيعا، نتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي وأظهرت تلك الخرائط الخاصة بالناسا انخفاضا في مستويات أكسيد النيتروجين في هذا البلد  هذا العام، وبالتالي تحسنت جودة الهواء بنسبة تزيد عن 20°/° نتيجة لانخفاض النشاط البشري بسبب تفشي فيروس كورونا, في حين بإيطاليا عاد النقاء لمياه مدينة   ” فينيسيا “بعد توقف الحركة السياحية ,  ليشكل ذلك فرصة لمشاهدة الأسماك وهي تسبح عن قرب  في قنوات مياه البندقية حيث أصبحت أكثر نظافة أثناء إغلاق المدينة .

● بسبب كورونا يرفع الأذان بمساجد أوربا بعد الحظر :

مآذن مساجد  القارة العجوز بأوروبا عادت لتعانق نداءات بلال بن رباح وترديد ألفاظ الآذان بمكبرات الصوت  بالمدن الأوربية , فصمتت جميع أصوات العنصرية والكراهية ضد الإسلام في أوروبا، وصدحت المساجد بالتكبير ومعها حناجر المسلمين من أسطح وشرفات المنازل , ولم يتصدى لها أحد، بل على العكس تماما كان ذلك بطلب من حكومات  بعينها فرفعت الأذان في بلجيكا وهولندا , ألمانيا وإيطاليا، الأمر الذي لم تكن تسمح به القوانين في هذه الدول إلا في حالات الاستثناء  .

فمثلا تم رفع الأذان للمرة الأولى في مسجد “دار السلام” ببرلين ضمن مبادرة سمحت بها السلطات وستستمر بشكل يومي على السادسة مساء بتوقيت العاصمة الألمانية برلين، تزامنا مع دق ناقوس “كنيسة الجليل” في حي “النيوكولون ” الذي تقطنه  جالية عربية مسلمة مهمة , في خطوة لتعزيز التضامن المجتمعي  في ظل تفشي وباء كورونا.

● المكسيكيون يقفون على الحدود رافضين دخول الامريكيين لبلدهم :

لم يكن أحد يتوقع يوما أن يغلق محتجون مكسيكيون معبرا حدوديا مع الولايات المتحدة، بسبب مخاوفهم  من تفشي فيروس كورونا وزحفه إلى ولاياتهم عن طريق  المسافرين الأمريكيين في سخرية غريبة للقدر بعد أن لوح ” ترامب” بقرار خلال الأشهر القليلة الماضية وهو يعتزم  بناء سور فاصل مع المكسيك، مؤكدا أنه سيكون فعالا لمواجهة تداعيات فيروس كورونا .

لكن الغريب أن  المكسيكيين هم من بادروا  برفع  لافتات بالبند العريض على حدود بلدهم مع ” و.م .أ”  تقول للأمريكيين “ابقوا في منازلكم”. وتعهد سكان الولايات  الحدودية المجاورة بتعطيل حركة المرور إلى المكسيك .

● “حرب الكمامات ” وجه  آخر للحروب الباردة عصر كورونا :

لو كان الأمر يتعلق بحرب حول الأسواق التجارية العالمية أو المياه الإقليمية أو الحدود الجغرافية أو المياه الصالحة للشرب في عصرنا الحديث  لأمكننا أن نستسيغها  ,  لكن لم نكن نحلم يوما أن  حرب الكمامات  ستكون أبطالها دولا عظمى بقدر رقيها وحضارتها وقيمها ، وستركن لقرصنة شحنات بعضها البعض من الكمامات التي أضحت سلعة نادرة زمن كوفيد، ناهيك أنها ستقتسم مع بعضها  تجهيزات طبية  بقناع القرصنة العصرية .

وهاهي دول غربية تتهم بعضها البعض بالاستيلاء على  شحنات  صينية تم  التعاقد المسبق على شرائها لتتجه لوجهات أخرى مقابل ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي , في حين  أن دولا نامية توزعها  مجانا في وتباع بالسنتيمات , كما هو الشأن بالمغرب بعدما أوصت الحكومة المغربية بارتدائها بالنسبة للعموم والتزمت مصانع النسيج بالمغرب أنها ستنتج ما يعادل 2,5 مليون “كمامة واقية” يوميا.

وهنا عبر العديد من الفرنسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم منتقدين  تعاطي حكومتهم مع أزمة ‎الكمامات والمنتجات الكحولية ويعطون المثال بالمغرب , ومبتكرون مغاربة يبدعون في ظرف قياسي ويقومون بصنع محرار رقمي  وجهاز تنفس صناعي قيد التعميم  …

وبالتالي فلايمكننا توصيف   كورونا بغير صانع  المتناقضات بامتياز …

رابط مختصر

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات