مراكش // يجتمع قادة العالم ومندوبو الدول في مراكش بالمغرب في 10 ديسمبر في مؤتمر حكومي دولي تعقده الأمم المتحدة على مدى يومين من أجل اعتماد اتفاق شامل ومفصل يهدف إلى جعل الهجرة الدولية أكثر أمنا وكرامة للجميع.
الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتفقت في يوليو الماضي على نص الاتفاق، المسمى “الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية”، الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه “إنجاز كبير”.
والاتفاق هو وثيقة غير ملزمة قانونيا، ترتكز على قيم سيادة الدولة، وتقاسم المسؤولية، وحقوق الإنسان، وعدم التمييز، وتقر بالحاجة إلى نهج تعاوني لتحسين الفوائد العامة للهجرة، مع التخفيف في الوقت ذاته من مخاطرها وتحدياتها للأفراد والمجتمعات في بلدان المنشأ والعبور والمقصد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان صحفي، إن الاتفاق العالمي “يعترف أيضا بحق الفرد في السلامة والكرامة والحماية”.
وخلال السنوات الأخيرة، تصدر المهاجرون، بالإضافة إلى اللاجئين، عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم، من أزمة اللاجئين في أوروبا إلى قوافل المهاجرين المنحدرين من أمريكا الوسطى.
لكن أولا، دعونا نضع النقاط على الحروف. إليكم ما ينبغي معرفته قبل بدء أعمال مؤتمر مراكش للهجرة يوم الاثنين:
الهجرة المنتظمة والهجرة غير المنتظمة واللاجئون.. ما الفرق؟
“إذا أرادت هذه الدول الحفاظ على معاييرها الاقتصادية الحالية أو حتى تنمية اقتصادها، سيكون عليها استقبال أجانب مدربين جيدا لتلبية متطلبات سوق العمل.” – لويز أربور، الممثلة الخاصة المعنية بالهجرة الدولية
مؤتمر مراكش سيركز على الهجرة. وبحسب السيدة لويز أربور، الممثلة الخاصة لأمين عام الأمم المتحدة للهجرة الدولية، فإن “الهجرة المنتظمة تعني الأشخاص الذين يدخلون بلدا ما غير مواطنهم الأصلي أو يقيمون فيه من خلال قنوات قانونية، ويكون موقفهم في ذلك البلد معروفا للسلطات.”
وأضافت أربور، في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، أن المهاجرين المنتظمين يمثلون “الأغلبية الساحقة من الأشخاص الذين يعبرون الحدود”.
في حين أن الهجرة غير النظامية “هي حالة الأشخاص الموجودين في بلد ما، ولكن وضعهم لا يتوافق مع المتطلبات الوطنية،” بحسب مسؤولة الهجرة في الأمم المتحدة، التي أوضحت أن “الغالبية العظمى منهم دخلوا البلد فعليا عبر قنوات قانونية، على سبيل المثال بتأشيرة سياحة أو دراسة، ولكن بعد ذلك مددوا إقامتهم بعد انتهاء مدة تأشيرتهم”. وقالت: “يمكن أن يتم تنظيم وضعهم وإذا لم يتم ذلك، سيتعين إعادتهم إلى بلدهم الأصلي”.
لويز أربور- الممثلة الخاصة للأمين العام بشأن الهجرة الدولية
أما اللاجئون، من ناحية أخرى، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فهم “أفراد اضطروا للفرار من أوطانهم لأسباب منها الاضطهاد أو الحرب أو العنف. ولديهم خوف مبرر من التعرض للاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة”.
الأفراد والمجتمعات.. ما لهم وما عليهم.
أحدث البيانات الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة أظهرت أن “3232 شخصا قد ماتوا أو فقد أثرهم في طرق الهجرة عبر العالم عام 2018” كان معظمهم في طرق البحر المتوسط، وفقا لبيان صحفي.
وسلطت المنظمة الدولية للهجرة الضوء على حادث وقع الشهر الماضي في البحر المتوسط، حيث أنقذ قارب صيد إسباني 12 مهاجرا، كانوا عالقين في البحر لأكثر من أسبوع بعد أن أبحروا من ليبيا على متن زورق مطاطي. وأضافت المنظمة أنه حتى وقت صدور البيان، “لم يوافق أي بلد من بلدان الاتحاد الأوروبي على منح هؤلاء المهاجرين الإذن بالرسو على شواطئه”.
وتحتاج العديد من دول العالم إلى استيراد جزء من القوى العاملة لديها، كما أشارت الممثلة الخاصة للهجرة الدولية السيدة أربور، مضيفة أن “التركيبة السكانية تقترح أنه إذا أرادت هذه الدول الحفاظ على معاييرها الاقتصادية الحالية أو حتى تنمية اقتصادها، سيكون علينا استقبال أجانب مدربين جيدا لتلبية متطلبات سوق العمل”.
وصلت أول قافلة من مهاجري أمريكا الوسطى إلى بلدة ماتياس روميرو في ولاية واخاكا في 1 نوفمبر 2018. تقدر الخارجية المكسيكية أن 4 آلاف شخص قد أمضوا الليلة في البلدة.
والسؤال الآن هو كيف نجعل الهجرة مفيدة للجميع، الناس والبلدان على حد سواء؟ وتأتي الإجابة على ذلك في تنفيذ جميع أهداف ومبادرات الاتفاق العالمي على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، كما أوضحت السيدة أربور قائلة “لا شك في أننا سنشهد زيادة في حصاد فوائد الهجرة”.
وأضافت السيدة أربور التي ستترأس المؤتمر في مراكش “والأهم من ذلك، سنشهد تحسنا كبيرا في جوانب التنمية، والجانب الإنساني وجميع المنافع الاقتصادية التي تستطيع الهجرة إنتاجها إذا كانت تدار بشكل جيد وبطريقة تعاونية”.
ما الاتفاق العالمي للهجرة؟
الاتفاق العالمي للهجرة، الذي وافقت على نصه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في 13 يوليو، هو وثيقة شاملة لإدارة الهجرة الدولية بطريقة فضلى، ومعالجة التحديات التي تواجهها، وتعزيز حقوق المهاجرين مع المساهمة في التنمية المستدامة.
“لا يمكن لأية دولة أن تتصدى للهجرة بمفردها، بينما تحمي سيادتها وتفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.” -الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية
ويستمد نص الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة جذوره من وثيقتين مهمتين، هما ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقد وصفت السيدة أربور، التي شغلت منصب المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الماضي، الاتفاق بأنه “مشروع كبير للتعاون الدولي في المستقبل”، مشيرة إلى أن “الهجرة كانت دائما جزءا من التجربة الإنسانية عبر التاريخ”.
واعترافا بما للهجرة من فوائد جمة على الازدهار والابتكار والتنمية المستدامة في عالم اليوم الذي يتسم بالعولمة، يعبر الاتفاق العالمي عن “الالتزام الجماعي للدول الأعضاء بتحسين التعاون في مجال الهجرة الدولية”.
ويعترف الميثاق بشكل واضح بأنه “لا يمكن لأية دولة أن تتصدى للهجرة بمفردها، بينما تحمي سيادتها وتفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي”، ومن ثم فإن الاتفاق العالمي يقدم إطارا تعاونيا غير ملزم قانونيا يبني على الالتزامات التي اتفقت عليها الدول نفسها قبل سنتين في إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين.
من جانبه، أكد الرئيس السابق للجمعية العامة ميروسلاف لايتشاك، الذي وضع تحركات البشر في صميم جدول أعماله، أن الاتفاق “لا يشجع على الهجرة ولا يهدف إلى وقفها”. وقال “إنه لا يفعل ذلك. ولا يملي على دولة ما ولن يفرض عليها أي شيء، فهو يحترم سيادة الدول بشكل كامل.”
المنظمة الدولية للهجرة
مهاجرون نيجيريون كانوا عالقين في ليبيا يصلون إلى لاغوس ضمن برنامج العودة الطوعية التابع للمنظمة. 14 فبراير 2018.
وأوضح لايتشاك أن تنفيذ الاتفاق سيؤدي إلى “تغيير الاستجابة من رد الفعل إلى أسلوب استباقي”. وتابع قائلا “يمكن أن يوفر الاتفاق منبرا جديدا للتعاون. ويمكن أن يكون وسيلة لإيجاد التوازن الصحيح بين حقوق الناس وسيادة الدول.”
ومع إعلان عدد من الدول مؤخرا أنها لن تكون جزءا من الاتفاق، قالت السيدة أربور لأخبار الأمم المتحدة إن “الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تدعم هذا المشروع التعاوني. أعتقد أن السياسة الخارجية (للدول التي انسحبت) وروح التعددية لديها ستتأثر بشكل خطير إذا تراجعت عن وثيقة قد وافقت عليها منذ بضعة أشهر فقط. لذا أعتقد أن ذلك ينعكس بشكل سيئ على من شاركوا في المفاوضات الفعلية”.
الهجرة ظاهرة إنسانية.. فلماذا نتحدث عنها الآن؟
الهجرة البشرية ليست ظاهرة جديدة، في الواقع لطالما تنقل البشر من مكان إلى آخر عبر التاريخ. لكن العالم شهد تزايدا في عدد المهاجرين في الآونة الأخيرة، كما أشارت السيدة أربور. ومن المحتمل أن يزداد هذا العدد، خاصة مع تنامي آثار تغير المناخ والنزاعات المسلحة التي تخرج الناس من ديارهم. وقالت:
“اليوم 3.4% من سكان العالم مهاجرون. عام 2000 كانت هذه النسبة 2.7%. إنها ظاهرة. لقد كانت هناك زيادة حتى الآن. هل ستستمر هذه الزيادة؟ عندما ننظر إلى التركيبة السكانية، وعوامل كثيرة مثل تغير المناخ، هناك توقع بأننا سنرى المزيد من حركة الأفراد.”
تدعم التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم، في بلدانهم الأصلية، 800 مليون شخص بأنحاء العالم.
وواصلت الممثلة الخاصة التحذير من عدم محاولة إدارة الهجرة بشكل جماعي، قائلة:
“إذا لم نفعل شيئا حيال ذلك، وتركنا هذه القضية تتكشف بطريقة فوضوية وخطيرة وغير منظمة، تفقد فيها الدول السيطرة على حدودها…فلن يكون هذا كله جيدا. لكن الهجرة نفسها ليست أمرا جيدا أو سيئا.”
ماذا سيدور خلال المؤتمر؟
في العاشر من ديسمبر / كانون الأول، يكمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عامه السبعين، وسيحتفل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالذكرى السنوية السبعين بعقد فعالية جانبية يحث فيها القطاعات والشركات من جميع الأحجام على تعزيز وتوسيع نطاق جهودها في مجال حقوق الإنسان.
كما سيشهد مؤتمر مراكش أيضا الإطلاق الرسمي لشبكة الهجرة، من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وستكفل هذه الشبكة الدعم الفعال والمتماسك على نطاق منظومة الأمم المتحدة لتنفيذ الاتفاق العالمي، وستضطلع المنظمة الدولية للهجرة بدور القيادة في هذا الأمر.
كما ستضم الشبكة وكالات الأمم المتحدة الأخرى التي لديها تفويض يغطي جانبا من جوانب الهجرة. ومن ذلك، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي يتعامل مع تهريب البشر والاتجار بهم، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وبينما تتعامل المفوضية مع اللاجئين بشكل خاص، إلا أنه “غالبا ما يكون هناك تداخلات بين اللاجئين والمهاجرين والتدفق المختلط من السكان”، حسبما قالت السيدة أربور، مؤكدة أن “جميع وكالات الأمم المتحدة التي لها مصلحة في هذه القضية ستجتمع معا لمحاولة تحقيق أقصى قدر من النهج التعاوني لجميع هذه القضايا.”
المصدر : https://www.safinow.com/?p=925