أسفي الأن ** طالما إتهم المثقفون المغاربة الدراما المغربية بالسطحية و أنها دراما فرجوية لا غير و قد تحمل أحيانا بعض الرسائل أو تناقش بعض المواضيع الإجتماعية و إستمر هذا النهج هذه السنة مع تحسن في تقنيات الإخراج و التصوير و الإنتاج.
المتتبع العادي لمسلسل “الغريبة” سيجد فيه قصة إجتماعية قوية وتقنيات إخراجية في المستوى الرفيع و ممثلين بقدرات هائلة لكن المتتبع المثقف سيجد فيه متعة مخفية بعناية في تلابيبه، متعة حرص صانعو المسلسل على جعلها حقنا ثقافية تتسرب من بين الأحداث المثيرة لتطمئن الطبقة المثقفة و تعدها بأن عصرا جديدا للدراما المغربية قد بدأ و أن تلك الحقن الثقافية ستتحول مع نجاح المسلسل و مع التشجيع إلى جرعات كاملة تنهض بالوعي العام و تجعل إنتاجنا الوطني يزاحم او يفوق الانتاجات العربية الرصينة.
من كان يتصور أن مسلسلا مغربيا يعرف نسبة مشاهدات مليونية تتخلله نقاشات فكرية في أعلى المستويات الأكاديمية كالاطروحة الخلدونية و تأسيسها لعلم الاجتماع الحديث و نقاش مخطوطة من زمن إمارة برغواطة المثير للجدل مع تفاصيل حفظ المخطوطات و استعمال الزرنيخ بالإضافة إلى محورية الكتاب و النشر في المسلسل ككل و تطعيم الحوارات بلغة عربية قوية كل هذا يشكل نبراس أمل و منطلقا جميلا للتأسيس لمسلسلات ذات حمولة ثقافية و ذوق عاليين و لا تخلو من فرجة و حبكة.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=9332