غابة الكارتين.. تراث إيكولوجي تحتاج إلى الصيانة والحماية
إن جائحة كورونا التي حلت بمدينتنا ألطف وأرحم من (جائحة بعض العباد )،الذين بالغوا في و تيرة الاعتداء على غابة الكارتين، من جرائم إجتثاث وقطع جائر وتخريب شجر الكاليبتوس ، قصد التوسيع العمراني وما يصاحب ذلك من آثار خطيرة على التوازن الايكولوجي للمدينة بصفة عامة التي عرفت في السنوات الأخيرة تراجعا مهولا في مساحات الخضراء …!!!
تعتبر الغابة من التراث الإيكولوجي لمدينة أسفي، باعتبارها من المجالات الخضراء التاريخية، والمتنفس الطبيعي الذي يقصده محبو رياضتي المشي والركض، ومحبو التجول والنزهة بين الأشجار تحت ظلالها نهاية كل أسبوع، مما يجعلها أن تكون محط اهتمام من طرف نشطاء البيئة ،والقائمين على الشأن المحلي…
مع الأسف أن هذا الإرث الإيكولوجي، عرف أخيرا هجوما من طرف شاحنات وعربات مجرورة بالدواب ،تفرغ بين أشجار هذا الفضاء حمولتها من الأتربة والمتلاشيات، بل أن عملية القطع قد طالت أشجارا وسط الغابة، و نخص بالذكر وراء نادي الفروسية، و الأغرب و الأخطر هو أن عملية القطع قد تمت من جذور الأشجار مما أثار إستياء زوار الغابة، وكل من يمارس هوايته بهذا الفضاء؛ ما يفرض طرح سؤال ما هوموقع هذه الغابة ضمن برنامج القائمين على تدبير الشأن المحلي بأسفي..؟
حيث تعتبر غابةالكارتين الرئة الطبيعية لمدينة أسفي ،كما أنها تقوم بتأثيث شارع مدخل المدينة ، غير أن هذه الغابة آخذة في الانقراض شيئا فشيئا ، إذ اقتطع منها لإقامة ملاعب ومرافق وفضاأت ومراكز التي التهمت مساحات كبيرة من الغابة، حيث استوجب الأمر اجتثاث مئات الأشجار من أجل إحداث البنايات ومختلف المرافق التابعة لها ،والغريب في الأمر هو أن غابة الكارتين التي تعتبر أكبر متنفس للساكنة، مهددة في أي وقت بصعود بناية وسطها، مادامت محاطة بعمارات من كل جانب، وهذه مسؤولية المجتمع في المدينة.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد ، إذ يتعرض ما تبقى من أشجار هذه الغابة إلى ظواهر غريبة كالموت الغامض لأشجارها والتلويث البشع لفضاءتها ، التي يبدو أن بعض مرتاديها من عشاق ممارسة الرياضة الغابوية هم من يرمون بالنفايات البلاستيكية بداخلها لدرجة تحول بعض المواقع منها إلى مزبلة قاتلة للبيئة وتدمير بيئي خطير …
فهل تتحرك الجهات المعنية لإنقاذ ما تبقى من أشجار غابة الكارتين ؟ أم أن هناك نوايا خفية لجعل الغابة تختفي وتتعرى مساحتها في أفق تحقيق غايات معينة ؟
المنظر الذي يزعجنا في المدينة ككل، أن ترى تلك الأشجار تغتال واحدة بعد أخرى ،مع كل إصلاح أو بناء مركز أو بناء عمارة أو إنشاء شارع جديد.
فأين تلك الأشجار في شوارع أسفي؟ وجولة قصيرة في المدينة تجعلنا نشعر بأن الزحف الإسمنتي في إجتياح مستمر، و خوفنا من أن يستمر الزحف العمراني على حساب المساحات الخضراء…
اليوم نستفيق على قطع أشجارغابة الكارتين، ولا ندري غدا ما الذي سيحدث؟ من الممكن ألا نجد أي متنفس طبيعي بالمدينة.سيصبح المواطن محاصرا، بعدما أصبحت الأشجار تقتطع والغابات تختفي، ولن يجد الناس مستقبلا أي مكان يستريحون فيه ،أو يشمون فيه الهواء النقي،كما أن التلوث يهدد بنسبة كبيرة مدينة أسفي كونها محاطة بالمناطق الصناعية، بسبب الغياب شبه التام للغابات التي تمنح أشجارها الأوكسجين للسكان.
ما هي المخاطر التي ستتعرض لها أسفي مستقبلا بعدما أصبحت غاباتها مفقودة؟ ومع الصورة النمطية للمدينة، لا نستطيع استيعاب حجم الكارثة وانعكاستها على نفسية المواطن، بمدينة يمكن أن تلقب منذ الآن فصاعدا بمدينة الأشباح.
نبيل المودن
المصدر : https://www.safinow.com/?p=9530