أسفي الأن نورة رميش ** عندما أصبح من الضروري بقاء الأفراد في منازلهم من أجل الحفاظ على السلامة العامة، تجد العديد من النساء أنفسهن محتجزات في المنازل مع رجال لهم سوابق في العنف الأسري، الأمر الذي قد يؤدي إلى تزايد حالات العنف المنزلي الممارس ضدهن. فغالبا ما تخلق الأزمات الكبرى ضغوطا متزايدة، خصوصا على بعض الفئات من المجتمع، فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من تفشي فيروس كورونا في البلاد، من قبيل حظر التجوال وتقييد حرية التنقل والتزام المنازل، أدت الى طرح تساؤلات حول مصير النساء المعنفات خلال هذه الفترة الإستثنائية، لذلك فإن بقاء الزوج الذي يعنف زوجته في البيت في هذه الظروف هو مغامرة خطيرة، تجوب المرأة داخل بيتها، لاحرية لاحق لاراحة لامفر من ذلك، السؤال المطروح لماذا يتم تعنيف المرأة، ورغم أن هناك قانون يمنع منعا كليا تعنيف النساء. إذا كانت المرأة متزوجة، وأم لأطفال صغار، فإنها تحتاج للدعم النفسي في هذه الفترة الحرجة وليس للعنف الزوجي،فإن هناك بعض النساء أكدن أنه منذ بداية الحجر الصحي وهن يتعرضن للإهانات والإذلال والعنف الجسدي واللفظي من قبل الزوج. في تصريح لإحدى المعنفات لمصادرنا الخاصة قالت: (أعيش في ضغط مستمر، زوجي لايهتم بي ولا بطفله، ولا يتوقف عن السخرية من شكلي وجسدي، وينتقد كل تصرفاتي، لا أعلم لماذا يتعامل معي بهذه الطريقة، لا اعرف كيف يمكن أن نتعايش وجها لوجه طيلة هذه الفترة، خاصة أن مساحة البيت ضيقة، حتما حياتي أنا وطفلي سوف تتحول إلى كابوس أكثر مما كانت عليه). وأضافت أنه منذ إعلان حالة الطوارئ، وأنا أتعرض إلى العنف بمختلف أشكاله من قبل زوجي، فهو ينهال عليا ضربا إذا بكا صغيري، أو لعب أو قام بشئ طبيعي لمن هم في عمره”. كنت أظن أن زوجي سيمنحني المودة والرحمة في هذه الفترة الحرجة لكنني لم أذق طعم الإهتمام والحنان طوال مدة زواجي به، بل وجدت نفسي ضحية لعنف نفسي وجسدي واعتداء جنسي لا يحتمل). وتضيف بحسرة (أجد نفسي اليوم غير قادرة على الهرب من زوجي، فعلى الأقل في الأيام الماضية كنت أستطيع الذهاب إلى منزل والدي). ورغم العنف الممارس عليها من طرف زوجها، فإنها لا تفكر في طلب الطلاق لأنها تنتمي إلى عائلة محافظة لن تقبل بهذا القرار، بالإضافة إلى نظرة المجتمع الخاطئة للمرأة المطلقة، حسب قولها. وتختم حديثها بالقول “لم أعد أشعر بالأمان مطلقا، أخشى أن يتسبب لي زوجي في أذى أكبر، والمشكل أنني غير مستقلة ماديا، عملي الأول والأخير هو الطبخ ورعاية الأطفال، وليس لدي خيار سوى تحمل العنف”. إذ إعتبر أحد الفاعلين الجمعاويين أن العنف الممارس ضد المرأة، هو نتيجة ثقافة ذكورية وقيم اجتماعية جعلت من الرجل وصيا على المرأة، وأباحت له الحق في “تربية المرأة” و”إصلاح سلوكها”، مما يفتح الباب أمام العنف، الذي يعتبره الرجل وسيلة لتأدية واجبه الذكوري أمام المرأة. وأضاف أن هناك بعض المرجعيات الثقافية الأخرى التي تتضمن بشكل صريح الدعوة إلى التعنيف، وضرب المرأة من طرف زوجها. ومما لا شك فيه فإن الحجر الصحي شكل فرصة لتنشيط هذه النزعة الذكورية، عند الكثير من الرجال. و كما هو معلوم، فإن الأيام العادية يقضي فيها الرجل ساعات أطول في العمل، مما يقلل الإتصال بين الزوجين، أما في فترة الحجر التي يكثر فيها الاحتكاك بين الرجل والمرأة فمن الطبيعي أن يفضي التوثر إلى فتور وأعمال عنف، خصوصا وأن الإنسان تكون حالته النفسية متدهورة ومضطربة، وأعصابه مشدودة مع الحجر الصحي الذي يعيشه العالم حاليا. ظاهرة العنف ضد النساء تتسبب فيها الكثير من العوامل، التي لايسع المجال هنا لذكرها كلها، لكن يمكن القول إن فترة الحجر الصحي مناسبة لإجتماع هذه العوامل، وتفاعلها بشكل كبير لأن أطراف هذه العوامل وهم الرجال والنساء يحتكان ببعضهما البعض في هذه الفترة أكثر مما هو الحال في الأيام العادية، الشئ الذي يؤدي إلى ارتفاع نسب العنف. فإن خطر الوباء الفتاك بالنسبة للمرأة المعنفة شأنه شأن العنف الزوجي. إضافة إلى العنف الذي تتعرض له الزوجات، فإن أعباءهن تتضاعف خلال الحجر، خاصة مع إغلاق المدارس ووجود الأطفال في المنزل الذين يجب الإعتناء بهم وضمان تعليمهم عن بعد، إلى جانب الأشغال المنزلية التي غالبا ما تكون من نصيب المراة فقط، سواء كانت ربة بيت او عاملة، وهذا يرجع إلى الثقافة الذكورية التي تجعل من الرجل لا يتقاسم مع المرأة أشغال البيت، بل يعتبرها واجبة عليها.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=9546